مدار الساعة - بيروت - ابراهيم الزعبي
ثمانية وتسعون عاما مضت منذ ان فارقتنا بلا وداع.. ثمانية وتسعون عاما كا زالت أمتك تعاني وتقاسي.. ليس لانك الشهيد.. بل لاننا لا زلنا بحاجة اليك.. فما زالت خطوط سايكس بيكو تمزقنا.. وما زال الوعد "بلفور" يؤرقنا يا كايد.
نعم هي "سايكس بيكو" و"وعد بلفور" من أشعلا الغضب العربي ، وشرارة الثورة ضد المستعمر والغاصب.. وخيوط اللعبة الأممية.. لا زالت تراقصنا... يمنة ويسرة.. وشعوب ارتضت بالذل والهوان والخنوع في زمن التيه والضياع.
لم يكن قرار الحرب عندك سوى "وقفة رجولة".. لم تنتظر قراراً من "مجلس أمن" او قرارات قمة عربية " لتؤدي الواجب... وتمتطي يا ايها الشيخ المجاهد "الصقلاوية" برفقة الصحب الغيارى على مستقبل أبنائهم وأحفادهم... وتتوشحوا أغصان زيتون بني كنانة والنية غرب النهر.. تنفيذا لبنود "مؤتمر قم " عام 1920.
كان الموعد "تلال الثعالب" ... شرارة الثورة ضد المستعمر البريطاني واليهود في آن ... سبابة على الزناد واصابع من حديد ... كي لا نعود الى عصر العبيد ... وأمة أضاعت ماضيها التليد ... ليكون النصر الاكيد ... فكنتم في عيون عدوكم الشاهد والشهيد.
في "يوم سمخ" ... بدأت المعركة، فاشعلتها حماساً وانت تحدو بالرفاق أهازيج النصر: يوم كاني مصروع صايبني جنون... سال دمعي فوق وجناتي طفيح... وسقاني البين كاسات الغبون ... فالح السمرين هالوجه الفليح ... بالعدى فتاك ربعه يشهدون.
كايد ... وللفارس من اسمه نصيب.. كائد الأعداء في "يوم سمخ".. نعلم انك لم تكن بالمعركة وحدك.. بل كان الرفاق.. سلطان ..قفطان .. فندي .. بلال .. سعيد وسطام ... جميعكم قضيتم ... لينحني المجد أمامكم وتعتلي كل النياشين والاوسمة صدوركم، لتخجل حينها اكاليل الغار من الا تطوق اعناقكم... فكنتم الاكرم منا جميعا ... يا من رويتم بدمكم ثرى فلسطين ... لا زلتم تلك الصفحة مضيئة في تاريخ امتكم ... تاريخا حروفه دم أردني حوراني وعبقه رائحة البارود.
لم تكن يا كايد في عيون أعدائك سوى رصاص وقنابل.. لك انحناء ارواحنا وانت تقاوم ... لتنسج من لحمك حبل الصعود... ومتراس الصمود... تقاتل ولا تساوم ... لتصدق النبوءة"بان العين بامكانها أن تقاوم المخرز" .
نعم هو نيسان ... ربيع الدم الاردني الذي لا يقبل الضيم .. حين روى كايد وصحبه ثرى فلسطين بدمائهم الزكية ... معلنين ان العين بامكانها ان تقاوم المخرز... رافضين كل مخططات الغرب التي لا زالت تثقل كاهلنا في فلسطين والعراق وسوريا واليمن والصومال وليبيا.
انه يوم حزين... ذاك اليوم الذي خيم سماءك يا كفرسوم.. حين أقبلت "الصقلاوية" عائدة من ساح الشرف بدون فارسها.. شهقت وارتمت أرضا وغرست رأسها في العفير أمام "المضافة".. فأدرك الجمع ان شيخ الكفارات لن يعود.. لقد نال ما أراد.. وكان أول شهيد أردني على الثرى الفلسطيني.. ولطالما ردد "ان الموت حق وأشرف الموت حين يكون على تراب فلسطين" ... نعم، لقد كان الشاهد والشهيد على أمة لونتها خطوط سايكس بيكو وارتضت بذل وهوان وعد بلفور.
Ibrahim.z1965@gmail.com