يصلح العالم الافتراضي المتمثل بوسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك ومثيلاته لكي يكون مرآة، نرى فيها صورة من صور مجتمعنا الواقعي الحقيقي، فما تحمله وسائل التواصل هو انعكاس للثقافه السائدة، والمفاهيم المتحكمة، والسلوكيات الممارسة في واقعنا، وكلها للأسف الشديد تدفعنا لقرع ناقوس الخطر، لإنقاذ مجتمعنا مما وصل إليه من جدب ثقافي، وسلوك عدواني وأحاسيس مشحونة بالكراهية، ونزعة سوداوية تتلذذ بتشويه السمعة، وصولاً إلى الاغتيال المعنوي للشخصية سواء للأفراد أوالمؤسسات.
الملاحظة الأولى التي يخرج بها المحلل للمضامين التي تحملها جل وسائل التواصل الاجتماعي هي غياب القضايا الكبرى عن أهتمامات الناس،إلا عند وقوع حدث كبير، من ذلك على سبيل المثال أنه عندما أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره الخاص بنقل سفارة بلاده إلى القدس أُشبعت مواقع التواصل بالحديث عن القدس، وباستصراخ الأمة لإنقاذ المدينة المقدسة، ولكن بعد أيام قليلة لم نعد نقرأ شيئاً عن القدس وعن القرار الأمريكي على هذه المواقع وهكذا هو الحال بالنسبة لكل تفاصيل قضية الأمة في فلسطين، التي صارت الخيانة فيها مجرد وجهة نظر،مع أن الأصل أن تظل كل هذه التفاصيل حاضرة في كل تفاصيل حياتنا اليومية، مستذكرين أن صلاح الدين الأيوبي حرم على نفسه الضحك حتى يحرر المسجد الأقصى، فبمثل هذا الحضور لتفاصيل القضايا الكبرى في حياة الأمة تنهض الأمم، وتستعيد حقوقها، وليس بالهبات الموسمية التي نمارسها كلما حل بنا خطب حتى أصبحنا أضحوكة الأمم .
خلاصة القول فيالصورة التي تعكسها مرآة العالم الافتراضي عن عالمنا الواقعي هي:أننا نعيش في مجتمع ضحل الثقافة، فاقد الاهتمام بالقضايا الكبرى، مترع بخطاب الشك والكراهية . فاقد لروح الجماعة، أسير للأنانية الفردية، وكلها أمراض تحتاج إلى علاج من خلال نهضة اجتماعية تبدأ ببناء الإنسان ومفاهيمه أولاً.
Bilal.tall@yahoo.com