من يصدق أن 7 سنوات كاملة مرت على الثورة السورية، أكثر من نصف مليون شهيد، وأضعافهم من الجرحى والمعتقلين، وملايين المهجرين في الداخل والخارج، ولم يتمكن النظام المجرم من الانتصار على الشعب.
منذ العام الثاني للثورة، لم تعد المواجهة بين النظام الطائفي المجرم، وبين الشعب، فقد دخلت إيران بكل قوتها على الخط، من خلال حرسها الثوري ومليشيات جلبتها من أصقاع الأرض، فضلا عن حزب الله.
باعتراف حسين همداني، جنرال الحرس الثوري القتيل في مذكراته، كان بشار يبحث عن مأوى ويتأهب للرحيل عن دمشق مطلع العام 2012، حين اتخذ خامنئي قرار التدخل العسكري، مخالفا بذلك رأي أكثر السياسيين والعسكريين في إيران، باعتراف عبد اللهيان، وليسجل التاريخ هنا أنه هو المجرم الأكبر بحق الشعب السوري.
دماء الطفل حمزة الخطيب وأشلاؤه الممزقة بفعل التعذيب بعد شهرين فقط على اندلاع الثورة، وقبل أن تنطلق رصاصة واحدة من أيدي الشعب، تؤكد حجم الجريمة التي ارتكبها خامنئي بحق الشعب السوري.
كان السوريون يهتفون في الشوارع “واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد، بينما ينهال عليهم رصاص الموت، ويسقطون بالآلاف قبل أن تنطلق أية رصاصة، وهو ما اعترف به نائب بشار، فاروق الشرع في مقابلة مع صحيفة “الأخبار” اللبنانية التابعة لحزب الله، في ديسمبر من العام 2012.
كان خامنئي قد اعتبر ربيع العرب “صحوة إسلامية”، قبل أن يحوّله إلى “مؤامرة أمريكية صهيونية” حين وصل سوريا، ولتأكيد لعبته دفع نحو عسكرة الثورة حين أخرج النظام الجهاديين من السجون في نوفمبر من العام الأول للثورة (2011).
بعد ذلك جرى اختراع قصة المراقد لتجييش الشيعة في المعركة، وبدأ مسلسل الأكاذيب الذي افتضح أكثر فأكثر بسطو أتباع خامنئي على ثورة الشعب اليمني الرائعة.
تدخل خامنئي بأمواله ورجاله في سوريا، ولكن ذلك لم يسفر عن وأد الثورة، فكان أن طلب تدخل دولة كبرى هي روسيا التي قال رئيسها بوتين إنه سينهي مهمته في غضون شهر، وها هو بعد عامين يجد نفسه أمام تمدد أمريكي في البلاد لم يكن موجودا حينها، ويعلن وزير الدفاع الأمريكي أن بلاده تسيطر على ثلث التراب السوري.
استدعى خامنئي بوتين وهو يعلم علاقته الحميمة مع الكيان الصهيوني، وليفضح أكثر فأكثر شعارات المقاومة والممانعة التي رفعها، وليؤكد هواجسه المذهبية أكثر من ذي قبل.
صحيح أن النظام قد استولى على الكثير من معاقل الثورة، كما هو حال حلب، وها إنه يحرق الغوطة الشرقية، لكن ذلك لم يكن إلا دليلا على بسالة الشعب السوري الذي تصدى لقوة إقليمية وقوة دولية، وسط تواطؤ من العالم أجمع على ثورته.
كل القوى الكبرى وقفت ضد ثورة الشعب السوري، في مفارقة عجيبة، وكان الغرب في المقدمة، وتحديدا أمريكا التي قررت منذ البدء إطالة الحرب لاستنزاف الجميع، وضغطت على الجميع لمنع السلاح النوعي عن الثوار.
سوريا كانت الثورة اليتيمة، بوقوف كل القوى الكبرى ضدها، إلى جانب تناقض القوى المحدودة التي دعمتها، وصولا إلى تصارعها في المرحلة الأخيرة، وتركها الثورة بلا دعم.
صحيح أن دخول القوى الجهادية على الخط قد منح أعداء الثورة فرصة لشيطنتها، لكن واقع الحال أن الموقف من الثورة لم يكن إيجابيا منذ اللحظة الأولى.
ليس هذا تأريخا لثورة سوريا بمناسبة مرور سبع سنوات عليها، ولكنه تذكير بسيرتها، في سياق من فضح القتلة وأبواقهم الذين يظنون الأمة بلا ذاكرة كي تشتري مقولاتهم التافهة حول ثورة فاجأت العالم أجمع، وكانت جزءا من ربيع العرب، ولم تكن بقرار من أحد.
سوريا مجزرة العصر التي تواطأت على دماء أبنائها كل القوى الكبرى، وهي الثورة التي سقط الكثيرون في امتحانها، وافتضحت شعاراتهم الثورية والقومية والمذهبية.
لم تضع الحرب أوزارها بعد، ومن تورطوا في الدم السوري دفعوا ويدفعون أثمانا باهظة؛ حتى بحسابات الدنيا. أما في محكمة العدل الإلهي، فلهم حساب آخر.
الدستور