انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

الحسبان تكتب: الطريق

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/27 الساعة 16:07
مدار الساعة,

بقلم: الدكتورة منال احمد الحسبان

الوصول إلى الحق ليس كل شيء، فالوصول منحة ربانية يهبها الله للمجتهدين المخلصين، ليس بعلمهم ولا بأدواتهم ولا بعقولهم الهزيلة، ولكن بإخلاصهم في الجهاد للوصول:"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا".

لا أحد يضمن الوصول، وكثيرون ماتوا على الطريق، ولم يصلوا أبداً، وهذا لا يهم إطلاقاً، فأن تموت مخلصاً على الطريق الصحيح، خير من أن تصل إلى الباطل، تقصيراً.

ولكي أسلك الطريق الصحيح، عليَّ ألاَّ أغتر بعقلي وأتسرع بظن أن كل ما لايدركه هذا العقل، محض هراء.

تخيل معي مثلاً أن هناك طفلاً وقعت كرته في مكان عال، وهو لا يعرف أن هناك شيئاً اسمه "سلم"، سيتصور أن الحصول على الكرة الآن، مستحيلٌ وغير منطقي، لأن المسافة أكبر كثيراً من أن تكون في متناول يد انسان!

هكذا نفعل بأنفسنا حين نثق بشدة في أدواتنا العقلية والمعرفية الهزيلة ونستخدمها بثقة للحكم على أشياء كثيرة بأنها غير منطقية أو غير ممكنة، ولو أننا بحثنا أكثر، وتواضعنا أكثر، ووضعنا لأنفسنا قاعدة أن ما ندركه ليس هو نهاية الحد، لخلصنا بسهولة من فخاخ فكرية كثيرة.

وكثير مما ظاهره متناقض، أوصلني البحث فيه للاقتناع بعبقرية بنائه، وهكذا تعلمتُ درسي الأول.

النقطة الأهم هي: التواضع في محراب العلم والفكر، والابتهال إلى الله وطلب المساعدة منه، أما الجلوس بتحدٍ وتبجح على مقاعد الاتهام، استناداً على أدلة ظاهرها مقنع، ظناً منا أننا حكام صالحون، سيؤدي بنا حتماً إلى مزيد من الضلال.

خاصةً حين تُوجهنا قناعات مسبقة تدفعنا دفعاً في اتجاه معين وتعمينا عما سواه، والمخلص الحقيقي لا يتحيز لفكرة، بل يسلم تسليماً باستعداده لقبول الحق فورا إن ظهر له.

وجمع خيوط الأفكار والعلم يشبه كثيراً لعبة "البازل"، عليك ألا تفرح كثيراً حين تنجح في جمع بعض القطع ويتضح لك جزء من الصورة، فتكتفي بتوقع الجزء الناقص اعتماداً على ثقتك بعقلك، فكثيراً ما يكون الجزء الناقص يحمل مفاجآت غير متوقعة، فلنصبر كثيراً ونجتهد بإخلاص وتواضع.

البعض يبحث بمنطق:"سأبحث لأثبت أنني على الحق" دون أن يشعر، فيتجاهل كل ما قد يخالف فكرته، ويتبع ما يؤيدها، فيضل، والبعض الآخر يبحث بمنطق:"سأبحث لأتحرى الحق واتبعه أينما كان"، وهؤلاء هم الناجون.

أرى أننا لسنا في غنى عن أنوار الله في طريقنا الوعر، والله يهدي المخلصين، مهما افتقروا إلى أدوات الوصول.

قانون الوجود هو السببية، وطريقنا الأوحد هو العلم والتفكير، لكن عطاء الله وهداه له حسابات أخرى.

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/02/27 الساعة 16:07