أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العدوان يرد: المطبخ الاقتصادي في خطاب المجالي.. حلول نظرية، سبق أن صُدعت رؤوسنا بها

مدار الساعة,مقالات,خزينة الدولة,صحيفة الرأي
مدار الساعة ـ
حجم الخط

بقلم موسى العدوان

في صحيفة الرأي الأردنية عدد يوم الثلاثاء 6 / 2 / 2018 كتب معالي السيد حسين المجالي مقالا بعنوان : " المطبخ الاقتصادي لحل الأزمة الاقتصادية "، أوضح به أن ليس لدينا مطبخ قادر على رسم استراتيجيات اقتصادية طويلة وقصيرة المدى، وأن لجوء الحكومة إلى رفع أسعار السلع هو خضوع لاشتراطات صندوق النقد الدولي الجائرة.

وبيّن معاليه أن الأزمات التي اشتعلت في المنطقة لها أسبابها، مما فرض علينا الاعتماد على الذات، باعتباره خيارا وحيدا لابد منه. ولكنه استدرك حديثه بأن قال أن الاعتماد على الذات لا يعني بالضرورة، الاستمرار على ذات النهج في الإصلاح، الذي يستهدف بشكل مباشر أو غير مباشر المواطنين، وينعكس سلبا على الفقراء ومتوسطي الدخل. ثم بشّرنا بأننا سنكون في العام القادم، أمام حزمة إجراءات جديدة لرفع الأسعار. وفي ختام المقال اقترح معاليه سبع حلول لمواجهة هذه الأزمة الاقتصادية، يمكن الرجوع إليها في مقاله، ثم يطرح السؤال التالي : ما الحل ؟ وأجاب على سؤاله : لو فكّر كل منا لوحده بالحل، لما وصل إلى جواب أو نتيجة مقنعة .

وإن كنت أوافق معاليه على معظم ما ورد في مقاله، خاصة في فشل المطبخ الاقتصادي في مهمته، إلا أنني أذكّره بأن الحلول التي طرحها هي حلول نظرية، سبق أن سمعناها وصُدعت رؤوسنا بها، ولكننا لم نشهد تطبيقا لها على الأرض. والسبب في هذا الفشل والإخفاقات المتعاقبة، ليس في عدم معرفة الحلول الناجعة، إنما هو في عدم توفر الإرادة الحقيقية في تطبيقها. وهذا يدفعني إلى القول : أنه مهما صنعنا من مطابخ اقتصادية، لن تنجح بحل الأزمة في غياب تلك الإرادة.

أنني أقول : " أن الإصلاح يبدأ من الأعلى إلى الأسفل "، وقد أكون مخطئا في رأيي فليصححني أهل العلم . . !

فالعمل بمساقاته المختلفة، توضع استراتيجياته وخططه في قمة الهرم من قبل المختصين، ثم تعمم هذه الاستراتيجيات والخطط إلى المستويات الأدنى، ليتم ترجمتها إلى خطط فرعية كل حسب اختصاصه، ثم يجري تطبيقها في منظومة المجتمع تحت مراقبة دقيقة من المستويات الأعلى.

وعندما تدعو الحكومات المتعاقبة إلى الاعتماد على الذات، فهل تقصد الاعتماد على الموارد الوطنية، بعد أن جرّدها الليبراليون الجدد، من كافة مصادرها كما تجرد الشجرة من جذورها ؟ أم تقصد اللجوء إلى الحل الأسهل وهو جيب المواطن الذي أصبح مقفرا ؟ إنه من غير المنطقي أن يعتمد الإصلاح الاقتصادي وتوفير المال اللازم لخزينة الدولة على جيوب المواطنين، بل يعتمد على مشاريع استثمارية منتجة تقوم بهذه المهمة.

الجواب على سؤال معاليه : ما الحل ؟ موجود، ويتلخص بأن حل الأزمة الاقتصادية لا يحتاج إلى عبقرية خارقة، فهناك دول كانت أفقر منا، ولا يتوفر لديها أي مصدر من مصادر الثروة. ولكنها وجدت ثروتها في رجال مخلصين، عملوا بجدّ ونهضوا ببلادهم من حالة الفقرة والتخلف، إلى حالة التطور والصناعة المتقدمة التي غزت الأسواق العالمية في أقل من عقدين. من بين تلك الدول سنغافورة، ماليزيا، كوريا الجنوبية، واليابان التي ضربت بالقنابل الذرية خلال الحرب العالمية الثانية.

ومن الأمثلة القريبة للتطور والحداثة، جمهورية تنزانيا الاتحادية في أفريقيا، التي كانت قبل عام 2015 تعاني من التخلف والفقر والفساد، إلى أن قيض الله لها زعيما وطنيا مخلصا هو " جون ماغوفولي ". وقد كتبت عنه مقالا في الاسبوع الماضي، بينت به كيف اجتث الفساد من بلاده، ونهض باقتصادها من دولة متخلفة لتصبح دولة متقدمة، تسعى لأن تصبح دولة عصرية في المستقبل القريب.

لقد شخّص ماغوفولي العقبات التي تقف في سبيل تقدم بلاده، فقام بحملة واسعة للتغلب عليها بحزم وتصميم، من خلال 14 إجراء رئيسياً كانت سببا في رفعة بلاده بأقل من أربع سنوات. وها هو اليوم يرفض مطالب مؤيديه، بتعديل الدستور والاستمرار بالحكم لفترة أخرى، بعد أن اكتسب شعبية كاسحة.

وفي هذا السياق . . نحن لا نطلب من مسؤولينا إرهاق أنفسهم بالتفكير، واجتراح المعجزات لحل مشكلتنا الاقتصادية، بل نطلب منهم أن ينقلوا عن تنزانيا الدولة الإفريقية، تجربتها الناجحة في تطوير البلاد، والاعتماد على نفسها بدلا من الاعتماد على جيوب الفقراء.

فعندما يلمس المواطنون الأردنيون أن دولتهم جادة في إرادتها لترشيد الاستهلاك، وإزالة مظاهر البذخ، والقضاء على الفساد، وتوظيف الرجال والمال في مواقعهم الصحيحة، فإنني متأكد أنهم وحتى الفقراء منهم، سيقتطعون نصف لقمة عيشهم طوعا، وتقديمها للدولة في سبيل عزة بلادهم.

موسى العدوان
مدار الساعة ـ