بقلم خلود الخطاطبة
يعمق مجلس النواب العرفية في مؤسساتنا الأكاديمية، فيمنح رئيس الجامعة صلاحية الحاكم الاداري لتحصيل أموال الجامعة، ويعطي حرس الجامعات صفة الضابطة العدلية في التعامل مع القضايا داخل الحرم الجامعي، أنا اعتبر هذه التعديلات المسمار الأخير في نعش التعليم الجامعي في الاردن.
وقبل سرد سلبيات هذه التعديلات، لا بد من التوضيح أكثر، حيث يمكن استناد رئيس الجامعة الى القانون الجديد بارسال أفراد من قوات الشرطة الى منزل أي طالب تخلف عن دفع ما تبقى من القسط الجامعي وجلبه الى مكتبه ومطالبته بدفع الأموال "الاميرية" او ايداعه الحجز اذا لم يقم بذلك، كما أنها تجيز لأفراد الأمن الجامعي حجز حرية اي طالب في حالة الاشتباه به او حسب مزاجية رجل الأمن الجامعي.
تعديلات خطيرة يجب ان لا تمر مرور الكرام، وليس لها حاجة نهائيا، لسبب واقعي ومنطقي وهو وجود جهاز أمني مؤسسي محترف في الاردن يخضع للقانون ويتعامل مع اي من مظاهر الاخلال بالأمن في الجامعات والشواهد كانت كثيرة، كما أن هناك منظومة قضائية في الاردن تضمن للجميع حق التقاضي استنادا للدستور وبالتالي يمكن للجامعات اللجوء لتلك المنظومة لتحصيل أموالها من مختلف الجهات في حال وجود خلافات مالية.
الجامعات مؤسسات أكاديمية يجب ان تنظم وفق قوانين تضمن روح تلك المؤسسات واهدافها بخلق جيل من الشباب المتعلم الواعي، وعدم الانسياق وراء ظاهرة العنف الجامعي لصياغة قوانين مبنية على ردود فعل، فمثل هذه التعديلات في حال وجود سوء نوايا باستغلالها لا سمح الله، فانها ستؤدي الى تفاقم المشاكل في الجامعات وليس حلها.
بعد اعطاء الأمن الجامعي صفة الضابطة العدلية، فان عقلية التعامل مع الطلبة ستتغير، وسينتقل دور فرد الامن الجامعي من حماية الطلبة وتأمين جو مناسب لراحتهم على مقاعدهم الدراسية، الى دور الرقيب على سلوك الطلبة، وهو ما يرفضه الطلبة بحكم اعمارهم الشابة وفهمم للحياة الجامعية، ما سيؤدي الى صدامات متوقعة سيكون التعديل الحالي مسؤولا عن نتائجها في حال وقعت لا قدر الله.
ولا اعرف كيف سيتم اخضاع الجامعات الاردنية لمعايير تصنيف الجامعات في العالم، اذا كان لرئيسها صلاحية الحاكم الاداري ولرجال أمنها صفة الضابطة العدلية، كون معايير هذه التصنيفات لا تركز على المستوى الاكاديمي فقط بل تنظر الى منظومة التعليم الجامعي ككل، ولا تعترف بالقوانين العرفية في ادارة الطلبة والجامعات، فوداعا اذا لمثل هذه التصنيفات العالمية.
التعديلات على القانون التي أقرها من مجلس النواب، هي للحقيقة جاءت من الحكومة، ومن عادة الحكومات البحث عن الطريق الأقصر والاسهل لحل مشكلات المجتمع، فكما كان جيب المواطن ورفع الاسعار عليه حلها الاسهل لسد العجز في ميزانياتها، جاء قانون الجامعات وتشوهاته طريقها الأقصر لحل لمشكلة العنف الجامعي، لكن اعتقادها في الحلين خاطئ.
عودة الحكومة الى الوراء بعض من العقود، كفيل بادراكها أسباب العنف الجامعي، فالعنف لم يكن يوما موجودا في جامعاتنا التي كانت منارات للعلم والتعليم والحرية في الوطن العربي، فمثل هذه التشريعات هي من أوجدت العنف وخلقت جيلا من الشباب لا يعرف معنى ان يكون داخل "حرم" جامعة.