انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

خلافات القاعدة تعصف بالنصرة

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/29 الساعة 10:12
حجم الخط

مدار الساعة - كتب .. ظاهر الضامن

تعكس حملة الاعتقالات التي تشنها جبهة النصرة - هيئة تحرير الشام، في صفوف عدد كبير من قياداتها ومناصريهم، التي بدأت منذ اواخر تشرين ثاني الماضي , وتوسعت خلال الاسابيع الماضية , عمق الخلافات التي تعصف بهذا التنظيم الذي سعى طويلا لاخفاء وجهه الارهابي وعلاقته العضوية بتنظيم القاعدة، للحفاظ على دعم مموليه.

حملة الاعتقالات تلك والقيادات التي شملتها، تفضح بشكل جلي، الروابط العميقة التي ما زالت قائمة بين القاعدة – ايمن الظواهري، والنصرة بقيادة ابو محمد الجولاني الذي يسعى بشتى الطرق لستر هذه الروابط بهدف رفع الحرج عن داعميه ومموليه الدوليين الذين يضغطون عليه باستمرار لتحقيق هذا الهدف. المعلومات المتوفرة من مصادر المعارضة في سوريا، توضح ان حملة الاعتقالات طالت قيادات النصرة التي تطالب وتضغط من اجل العودة الى حضن التنظيم الام – القاعدة.

وذلك في الوقت الذي يحاول فيه تنظيم القاعدة توفير حضور قوي له في سوريا بقيادة حمزة بن لادن نجل مؤسس التنظيم وزعيمه حتى اغتياله في باكستان على ايدي القوات الاميركية.

فمنذ كلمته الموجهة الى عناصر وقيادات «الجهاد العالمي» في سوريا خلال تشرين اول الماضي، يسعى الظواهري الى ايجاد حضور قوي لتنظيمه في المنطقة بعدما خسر العراق باستيلاء داعش على كل شيء ومن ثم انهيار هذا التنظيم على النحو الذي حدث.

اعتبر الظواهري في كلمته تلك ان محاولات الفصائل المسلحة في سوريا تجنب التعاون والعمل مع القاعدة خشية التصنيف على لوائح الارهاب، لم يعد مقبولا.

وهو ما يؤكد مساعي القاعدة لاعادة جبهة النصرة الى حضنها بشكل كلي ورسمي.

ويبدو ان استجابة عدد من قيادات النصرة لدعوة الظواهري خلقت خلافات عميقة داخل صفوفها ما دفع الجولاني لشن حملة اعتقالات واسعة استباقا للانشقاق الذي بات محتوما. فالجولاني يرى ان الوقت لم يحن بعد لهذه العودة. فالدول والاطراف التي تدعم العمل المسلح في سوريا ستوقف تمويلها له حال حدوث ذلك خشية تهم دعم الارهاب التي ستوصم بها.

والجولاني هو الذي اعلن فك ارتباطه بالقاعدة وبدل اسم النصرة بجبهة فتح الشام من اجل هذا التمويل اساسا ومن اجل حرية العمل مع الفصائل المسلحة الاخرى، ورغم ان فك الارتباط هذا كان شكليا الا انه يريد ان يحافظ عليه في الفترة المقبلة على اقل تقدير لان تنظيمه ما زال محتاجا لاموال داعميه.

ولحماية توجهاته تلك كان الجولاني بكّر بانشاء تشكيل عسكري خاص به وفق ما افصح عنه مصدر خاص لصحيفة القدس العربي العام الماضي. وقال المصدر الذي لم تكشف الصحيفة هويته، «إن أحد أهداف انشاء هذا التشكيل العسكري هو ترسيخ الولاء لقيادة النصرة التي باتت تعاني بعض التصدعات والتباين في التوجهات، خصوصاً فيما يتعلق بقضية فك الإرتباط بتنظيم القاعدة الأم في افغانستان».

التشكيل العسكري هذا هو الذي يقوم بالمهمات الخاصة الاكثر قذارة للجولاني، فهو الذي شن حملة الاعتقالات الاخيرة ضد القيادات المؤيدة للعودة الى حضن القاعدة ومنهم وفق مصادر متطابقة: أبو همام السوري، القائد العسكري السابق في النصرة، وأبو القاسم الأردني، نائب أبو مصعب الزرقاوي، إضافةً إلى إياد الطوباسي (أبو جليبيب الأردني)، وسامي العريدي وغيرهم.

وهذه الحملة اثارت غضب الظواهري حيث هاجمها بشدة بكلمته المسجلة اواخر الشهر الماضي معتبرا فك ارتباط «جبهة النصرة» منفي وغير مقبول. وفي التسجيل الصوتي ذاته قال الظواهري إن «العقود والبيعات من الأمور العظيمة، وأوجب الشرع الوفاء بها»، مؤكدًا «لم نحل جبهة النصرة ولا غيرها من بيعتنا».

وأضاف أن تنظيم «القاعدة» لم يقبل سابقًا أن تكون بيعة «جبهة النصرة» سرية، واعتبرها من الأخطاء القاتلة. ولكن لماذا الان؟ لماذا انتظر الظواهري كل هذا الوقت ليسعى لاعادة النصرة ولماذا اختار التوقيت الحالي لاعلان مساعيه تلك؟ تعيش القاعدة الام ازمة عميقة على اكثر من صعيد، فهي اليوم معزولة عن مناطق التأثير والفعل الميداني الذي يوفر لها حضورا في الاذهان ويحافظ على صورتها كقائدة لـ «الجهاد العالمي»، كما انها تعاني من ازمة قيادية كبرى تجعلها غير قادرة على اجتذاب الانصار الجدد لصالح تنظيمات منافسة تتواجد في المناطق الساخنة، وبالتالي فان البساط يسحب من تحت اقدامها رويدا رويدا بشكل بات يهدد وجودها برمته.

وهو ما دفعها للاتكاء على ارث اسامة بن لادن من خلال استحضاره بصورة نجله حمزة. اما اختيار التوقيت الحالي فهو مرتبط اكثر ما يرتبط باحتضار تنظيم داعش الذي كان وجوده في العراق وسوريا يحول دون الحضور القوي للقاعدة اذ كان هذا التنظيم الاشد ضراوة وقسوة يملأ الفراغ في ميادين الارهاب العالمي، كما انه كان يدير ظهره للقاعدة وقيادتها في اطار التنافس على حمل رايات «الجهاد العالمي».

واليوم تريد القاعدة العودة الى الواجهة عبر الساحة السورية ولن تتوفر لها عودة قوية إلا من خلال اعادة النصرة الى حضيرتها. وهذا الصراع بات اليوم يعصف بالاخيرة ولا ينجح بتوفير تلك العودة للاولى. فتحول الامر الى صراع داخلي يفضح شيئا فشيئا الطبيعة المشوهة لهذه التنظيمات وصراع المصالح المتناقضة فيها والطموحات الشخصية لقياداتها التي لا تتورع عن البطش ببعضها حين تتهدد هذه المصالح.

الراي

مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/29 الساعة 10:12