واستكمالا للمؤامرة التركية على العرب، افتتحت حكومة اردوغان عام 2008 مكتبا رسميا لها في القدس ،تابعا لمكتب رئيس الوزراء ، لقيادة عمل ثماني هيئات تركية شبه حكومية، تقوم بترميم الاماكن الدينية والمواقع التاريخية والثقافية العثمانية في المدينة، والتي تشكل 70 % من مجموع اثار القدس - حسب المصادر التركية الرسمية –
وتقوم هذه الجمعيات المدعومة شخصيا ورسميا من الرئيس اردوغان وبموافقة السلطات الاسرائيلية، بغسل ادمغة الشباب المقدسيين لتشكيل رأي عام شبابي عثماني يدعم خطط تركيا في القدس بهدف ازالة الصفة العروبية عن المدينة ، من خلال نشاطات وبرامج اعلامية وثقافية وسياسات محددة ، موجهة للشباب والاطفال المقدسيين في المدينة والمخيمات الفلسطينية ، بلغت تكلفتها حتى الان قرابة المائة مليون دولار.
وكان اخر نشاط كبير لهذه الجمعيات نهاية العام الماضي، حين شارك اكثر من مئة شاب تركي، ساعدهم مقدسيون، في تنفيذ مشروع عثماني بعنوان على خطى السلطان عبد الحميد قادته رئيسة بلديه مرام في ولاية قونية التركية، لتنظيف الآثار العثمانية وأزقة القدس، ثم سكب ماء الورد ،الذي جلبوه معهم من ولاية إسبارطة جنوب غرب تركيا، احياء لتقليد عثماني قديم.
ويجيء هذا التحرك التركي تأكيدا لشعار القدس عثمانية، الذي تقوم مؤسسات تركيه رسمية بتبنيه وترجمته واقعا على الارض، لاعادة مجد الامبراطورية العثمانية، التي حكمت الامة العربية اربعة قرون بالحديد والنار والجهل وتعليق المشانق للاحرار.
ويؤكدمحمد الديمرجي رئيس مجلس ادارة جمعية تراثنا التركية احد اذرع وكالة التعاون والتنسيق - تيكا - التابعه لرئاسة الحكومة في انقرة : ان لتركيا الحق القانوني للتدخل في القدس، لأنها وريث الدولة العثمانية، وكل عملنا الذي نقوم به هو حق الدولة التركية، مشيرا الى ان صكوك الملكية المعمول بها حتى الآن في القدس يعود أصلها للعثمانيين، وإن حدث خلاف على ملكية بيت أو غيره يفصل فيه القانون العثماني على حد قوله .
واعترف السيد الديمرجي القريب من رئاسة الحكومة التركيه بان بلاده تتفاوض على كل شيء بالقدس باستثناء المسجد الأقصى فقد قال :نحن نتفاوض على كل المساجد والمنازل في القدس ، إلا المسجد الأقصى؛ لأنه حق إسلامي خالص. متجاهلا الرعاية الهاشميه للمقدسات الاسلاميه في القدس التي اشترط الاردن ان تكون له لتوقيع معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية ، وقد اقر العالم واسرائيل بذلك . ، وتم عقد اتفاق خاص ملزم دوليا وللاجيال القادمة ولا يرتبط بسنوات محددة.. .
ومما طمان اسرائيل ايضا ماقاله اوردوغان مؤخرا : اسرائيل بحاجة الى بلد مثل تركيا في المنطقة.. كما ان علينا القبول بحقيقة، اننا ايضا بحاجة الى اسرائيل، لانها حقيقة واقعة في المنطقة.
فضلا عن ذلك فان الرئيس اردوغان هو الزعيم الاسلامي الوحيد الذي سار على درب اجداده السلاطنة العثمانيين حين زار اسرائيل في ايار 2005 وارتدى القلنوسة اليهودية، وقد بدت على وجهه معالم الحزن ، وهو ينحني امام ضحايا المحرقة اليهوديه في نصب ياد فاشيم التذكاري للهولوكست، مؤكدا ان احد اهداف زيارته لاسرائيل استنكار معاداة السامية.
فقد ابتدأ الاستيطان اليهودي في القدس في عهد الدولة العثماينه عام 1855 ثم اتسع ليشمل كل فلسطين قبيل انهيار الدولة حتى وصل عدد المستوطنات اليهوديه في فلسطين 47 عام 1912 .. فضلا عن ذلك شجع سلاطنة الدولة العثمانية الهجرة اليهوديه فسمحوا لليهود بشراء الاراضي واعفوهم من الضرائب .
بل وقام السلطان العثماني سليمان القانوني بما لايمكن ان يقوم به حتى اليهود انفسهم، فكان يتدخل شخصيا ويخاطب رسميا زعماء اوربا والفاتيكان طالبا منهم السماح لليهود بالهجرة الى فلسطين ،بل وارسل سفنا عثمانيه لانقاذ يهود اوروبا من التمييز ضدهم ونقلهم الى فلسطين واستنابول .. وامر بقبول اليهود في الجيش وتقديم طعام خاص لهم ، ومنحهم عطلتهم الدينية كل يوم سبت
ويبدو ان السيد اردوغان قراء بدقه سيرة سلاطنة ال عثمان فانتهج طريقتهم على امل ان تكون البوابة الاسرائيلية هي طريقه لشراء صمت الدول الغربية والعالم عن مخططاته في تنفيذ الحلم التركي الكبير لتصبح تركيا واحدة من الدول العشر الاكثر تقدما وقوة في العالم في 24 تموز 2023 حين تنتهي رسميا سريان شروط معاهدة لوزان التي وقعت قبل مائة عام والتي حدت من تطلعات تركيا السياسيه والاقتصاديه والماليه .. ويسعى اوردوغان كما قال للتخلص منها مهددا كل من يعترض طريقه بالويل والثبور
فهل ستكون اسرائيل طوق النجاة للرئيس اوردوغان لتنفيذ طموحاته في تنفيذ الحلم التركي الكبير، لاعادة مجد الامبراطورية العثمانية ، باسلوب اوردوغاني له مسارن الاول ظاهري ديني والثاني حقيقي يقوم على الشوفينية والتعصب الاعمى ، كما فعل اجداده العثمانيون تماما على مدى (400) عام، ففشلوا وانتهت امبراطوريتهم بتوقيع معاهدة الذل في لوزان .
* صحفي وباحث