انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

الثلاث سبعات

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/26 الساعة 14:34
حجم الخط

في بلادنا تستطيع شراء أي شيء، فالذي يملك المال مدلل عند السلطة، تستطيع يا صديقي أن تشتري جنسية وجواز سفر، ففي عقلية الاستثمار أن تحضر نقودك وتتقدم الصفوف وتفتح لك الأبواب ، تستطيع يا صديقي شراء أي شيء، فالبيع عنوان المرحلة ... والأرقام تختصر العناوين، فالمواطن هو رقم في طلب المنح والمساعدات، والمواطن هو رقم "بريزة" في عين سائق باص "الكوستر" ، والمواطن هو رقم "عميل" عند موظفة البنك المبتسمة، والمواطن هو رقم يأتي ويذهب فلا أهمية للأسماء ...

لا ألوم من إشترى لوحة سيارة بنصف مليون دينار، فصاحب المال هو ملك بماله، ولكن نحن في بلد متعبة، أتعبتها الديون، وأتعبتها الحكومات، والناس في ضيق، والفقر يلاحقهم، أما كان أولى لو ذهب بعض هذا المال لمساعدة الناس.

هل تعلم يا من إشتريت "الثلاث سبعات" أن هناك من يعسرهم دفع إجرة البيت آخر الشهر، وأن من هناك من دخلن السجن لأجل قرض مئة دينار.. وأن هناك طلاب جامعات يؤجلون دراستهم للعمل ليصرفوا على أهلهم ويؤمنوا رسوم الدراسة .. لا نحسدك ولا نزاحمك في مالك ولكن لو مددت يدك لهم بثمن "سبعة واحدة " لكان لك باب خير في دفع مذلة بعض الناس.. فأبواب الخير مفتوحة والناس في ضيق والفرج قد يأتي على يديك ... والحكومات تلاحق الناس وتجلدهم برفع الأسعار ..

يا ترى في بلادنا كم يبلغ ثمن أحلام الشباب، كم يبلغ ثمن تعب الآباء والأمهات وهم يلقطون رزقهم ويطعمون أفواه الأبناء، وقد يعسرهم مصروفهم في الصباح وهم ذاهبون للمدارس.. كم يبلغ ثمن أحلام العسكر ... يتزوج بالدين ويؤثث البيت في الدين، ويشتري "كيا سيفيا " بالدين .. كم يبلغ ثمن أحلام الصبايا .. أحلامنا بسيطة وثمنها مستحيل ..

لكن لا عليك يا صديقي، الأرقام وبيعها عنوان المرحلة، حكومات تبيع الوهم للناس، وتصنع مشاريع على الورق والبرزنتيشن وفي قاعات الفنادق ، حكومات لا تخجل من تشجيع الفقر وتأصيل ثقافة "الدعم الحكومي " ، والاستجداء الذليل للمواطن، وترسيخ سياسة الدفع والبيع، كل شيء مباح للبيع المهم أن نحصل على المال ، تتاجر بوجع الناس ورفع الضرائب على الدواء والخبز والقبور ... تصنع قوانين للانتخابات تفرز نوابا يشجعون الناس على بيع أصواتهم، نوابا بدلا من الدفاع عن الناس يستجدون الحكومات ..حتى الوجدان لو إستطاعوا بيعه لباعوه ...

بيع أرقام اللوحات و"الثلاث سبعات" وربما "السبع سبعات" يعبر عن حالة الثراء الفاحش وكيف يوجه المال نحو السخف والخواء، بالمقابل يترك الفقراء يصارعون الحياة فرادى على وقع الدعم الحكومي، والقبول بواقع الحال ما دامت الناس مشغولة برزقها، وإنتظار الفرج أصبح ليس دعوة وإنما يأسا ومستحيلا.

حمى الله الوطن المبتلى

مدار الساعة ـ نشر في 2018/01/26 الساعة 14:34