أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات شهادة مناسبات جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الخبز.. وأشياء أخرى

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

لم يكن الخبز طعاماً فقط في حياة الأردنيين . بل ثقافة تحكم الكثير من العادات والتقاليد في الأزمان الماضية ... وسيلة من وسائل التقارب الاجتماعي والسلم الاهلي ...الاسم الآخر للخبز هو العيش ... أقذع شتائم الأردنيين الأوائل للمتنكر للمعروف والغدار هو ... خائن العيش والملح ... هذا وصف لرجل أكل الطعام في بيت ثم أساء لأصحابه فيما بعد . أو سرقه في ليلة ظلماء بلا قمر ... ساهم رغيف الخبز في إنقاذ أرواح ( زمن الغزو وانعدام الأمن ) كثيرة حتى المطلوب بالثأر . إذا دخل أحد البيوت وأكل من خبزه يعتبر آمناً على حياته ... من أنبل مدائح الأردنيين لبيوت الآخرين من الكرماء أنها بيت خبز ... وصف المشير الراحل حابس المجالي منزل أحد أقاربه (الحاج عبدالحميد عواد المجالي من مواليد عام 1900... توفى في بلدة الياروت سنة 2004 ) بأنه بيت العيش . قال فيه شعراً استقر في ضمير مجتمعه حتى يومنا هذا :

يا ما حلا إن قال غسل عليهم لصاروا عند معزب مشتهيهم هلي بيهم لو كنت تكره حديهم بين السحاب وبين خرط الدواليف قال الله يحيى المعازيب والضيف يوم إن ردي الخال ينذخ سواليف. كان البيت الأردني يؤمّن مؤونته من القمح عاماً كاملاً من البيادر والأسواق .. اذا استقر عدل الطحين قرب الخابية او بين المحرم والرفّة . اكلنا وضيوفنا طوال العام ... لم تكن كل المواسم قمراً وربيعا . فقد مررنا بسنوات قحط كادت تهلك الزرع والضرع ... أسرعت المملكة بجلب القمح والشعير عبر ميناء العقبة ... قلّت الخسائر عن سنوات الجوع ثم جاء الموسم التالي خير وبركة ... تكاثر الأردنيون وتقاسم الارض وارثيها ... أصبح المارس الكبير قطعاً صغيرة اختفت تحت المنازل الحديثة والأسواق . ثم بدأنا نستورد القمح لنأكل الخبز والكعك والبسكويت والبرغل والمعكرونة والشعيرية ... مثل كل سلعة مدعومة تغري بالفساد أصبح تهريب الطحين المدعوم سلعة رائجة ... حتى أن الخبز اليابس في الحاويات أصبح أرخص من علف الحيوانات التي نقتنيها فأصبح للنفاية حصادون يجمعون خبزها ويبيعونه ... هات معك خبز ... نداء كل بيت إلى ربّه الذاهب للعمل ... ولكن الرغيف إيّاه بتكاليفه المدعومة أصبح عبئاً على الحكومة في بلد تضاعف سكانه بالهجرات القادمة من اللاجئين . وكل فم يعتمد على الخبز للبقاء سواء كان لاجئاً أو وافداً للعمل أو ابن بلد كانت بيوت أجداده بيوت عيش ... هل نسينا ثمن الماء الذي نشربه مع الخبز . وثمن الغموس الذي لا بد منه مع الخبز ؟؟؟ ... اعتبرت الحكومات المتعاقبة رغيف الخبز خطًا أحمر لا يمكن الاقتراب من سقفه بصفته طعام الفقراء وبقية طبقات المجتمع ... نعود إلى المفردة إيّاها ... لو ... لو عولجت مشكلة الطحين المدعوم منذ سنوات ما قبل تطحّل البلد باللاجئين والوافدين . كنا اعتدنا على ذلك وقلنا ... ياما مرّ على هالجسر من جمّالة ... لكننا مع كل حكومة . نحمّل سابقتها وزر القضايا الشائكة.

الدستور

مدار الساعة ـ