أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس الموقف شكوى مستثمر شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

بين النكبة والنكسة عهد التميمي حكاية العنقاء

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ
حجم الخط

يتنافر القطب السالب مع نظيره السالب، وكذلك يفعل القطب الموجب، أمَا أن تتغلب الكف العارية على رأس المخرز المدبب المعد للثقب وإحداث الأذى فذلك عجب عجاب، ولكن عجبي قد زال وأنا أرى كفَ عهد التميمي الصغيرة البيضاء تواجه طعنة المخرز الصهيوني مرة وهي تضم قبضتيها التي لا تساوي ليمونة صغيرة تلوح بها في وجه ذلك الغاصب وتصرخ في وجهه " أخرج من أرضي فهذه بلادنا " ومرة أخرى وهي تلطم وجه هذين الجنديين الصهيونيين المدججين بالسلاح ، آمنت عندها ان النقيض الضعيف يمكن أن يهزم النقيض القوي ، وأن الكف عارية تفل حديدة المخرز .

أي قلب لك يا صغيرتي ذلك الذي تجاوز الخوف بالرغم من عمر الزهور لديك ، أيُ إرادة تلك التي تحملين بين جنبيك لينطبق عليك القول : إن أجدادك قوم جبارين فليعلمن إذن كيف يكون الرجال رجالاً والنساء من أحفاد خولة بنت الأزور نساء ، عَلمي أولئك المتخاذلين النائمين على الحرير والمقيمين في القصور ، والانتهازيين الجبناء كيف تكون الأوطان أمانة في الأعناق ، وكيف يكون التخاذل سبَة في وجوههم وعاراً يحملونه على أكتافهم ، علميهم يا ذات الشعر الطفولي الأصفر كيف يصبح القلب بركاناً متفجر ، وكيف يكون حجرك وقبضتك رعباً للمحتل الذي انتهك براءة الطفولة وعز الرجولة .

علميني يا أستاذة الجيل ما لم يعلموني إياه في المدارس والجامعات، في آداب المجالس والمجتمعات، علميني فنحن بحاجة لكثير من علمك الفطري، وخبرتك الطويلة من سنين عمرك القصيرة. لأن أرضاً تنجب أمثالك جديرة بأن تكون من جند فلسطين، جند الأقصى والقيامة، وسليلة عمر الفاروق والناصر صلاح الدين، وإن شعبا ينجب أمثالك لا بد منصورٌ منصورْ، وليحكم المحتل الغاصب قاتل الأطفال وغاصب الأرض عليك كما يريد، فكفك قوية قاسية كقسوة حجاره الأقصى ، وهي قادرة على هزيمة كل مخارز أولئك القتلة مغتصبي الأوطان وهادمي البيوت ، وإن للظالم جولة ولكنها لا تدوم ، فانت كالعنقاء خرجت من رماد النار وانطلقت يا شقراء فلسطين محلقه في سماء الحرية معلنه عن فجر الانتصار على غطرسة الجيش الإسرائيلي ومؤكدة جملاً طالما رددناها على أن هذه القطعان المدججة بالأسلحة جبانه حتى أمام طفله فلسطينية اسمها عهد التميمي.

لقد كانت الأيام بين الخامس عشر من أيار والخامس من حزيران حتى وعد ترامب تلقي بظلالها علينا، ولكن العنقاء الفلسطينية كانت أيضاً حاضرة تسجل في سماء التاريخ شهاباً للأمل.

لقد تأرجح التاريخ هولاً من مصيبتي قرن واحد وقعت على شعب فلسطين والامة العربية كلها ، فقد ضاعت فيه البلاد وتشرد العباد، وحملت شواهد التاريخين بفارق السنين مأساة شعب وقضية امه وارتحال وتشريد وتهويد، وحلم صغير يداعبه حلم العودة ليذكر بأن هناك في مكان ما وطن ينتظر، ولكن الاعوام تمر والاطفال غزا الشيب مفرقهم وبعضهم طواه النسيان والاحفاد باتوا اليوم اجداداً، والمهاجر تعددت من اقصى الارض الى اقصاها والحلم لازال يداعب البعض والبعض الاخر سحبته محيطات الحياه بموجها الغادر من بحر الى بحر والقضية توزعت دمائها بين القبائل والتوحد على النضال من أجل قضية أمة فرقته أفكار القطريات الضيقة ولكن رغم كل ذلك مازال الامل حاضراً فمن كان من أبناء أمة عظيمة رفعت راياتها من أقصى شمال الارض الى غربها لا بد وان ينتصروا وان طال الزمان ، فتحية لكل من أضاء في عتمة الليل شمعه وتحية الى التميمي عهد.

صحيح انه وبعد مرور ما يقترب من سبعين عاماً على احتلال فلسطين، والحال هو الحال، والضياع نفس الضياع، والسفينة العربية من محيطها الى خليجها توشك على الغرق في بحر الحروب والفتن والجهل والتخلف والتطرف والارهاب والتجزئة. وصحيح ان الكيان الصهيوني يسرح ويمرح، ويهود ويهجر ويقتل دون رادع او وازع، ولكن الصحيح أيضاً ان السنديانة الفلسطينية عظيمة الجذع، غنيَة الأغصان، كثيفة الأوراق، وارفة الظلال، وأنها الفيصل في الصراع، والصحيح أيضاً ان الامة العربية لم تسلم يوماً لمستعمرٍ او غازِ.

zaidabuzaid67@gmail.com

مدار الساعة ـ