أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات شهادة مناسبات جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الليث الهاشمي الشريف يذود عن حمى القدس

مدار الساعة,مقالات,الملك عبدالله الثاني
مدار الساعة ـ
حجم الخط

كتب الدكتور رجائي حرب

هي عمان بيت العروبة الأخير،

وأم التلال الخرافية،

وحاضنة أبطال الزمن الصعب،

هي عمان التي تتقن كل اللغات،

والتي كان الزمن على موعد مع حكمة سيدها الهاشمي؛

الذي حارب طغاة آخر الزمان بسيوف الحكمة وأسلحة اليقين،

هي عمان التي كانت على موعدٍ مع شموخ أبطالها الذين رووا بدمائهم ترابَ القدسِ؛ فكان أولُ ما قدمتْ باكورةَ ملوكها الذي روى بدمه المعتَّق بالطُّهر والعفِّة عتبات مسجدها،

ثم جادتْ بأرواحِ أبنائها من جيشنا العربي على أسوار القدس، فكانوا سيوفَ حقٍّ، وبواعثَ نصرٍ، وموعدَ صدقٍ؛ أحياءٌ عند ربهم يرزقون.

هي عمان الشهامة التي قالت كلمتها وسطرت بمداد عوزها أرقى معاني الشهامة والكبرياء،

فرسمت أهزوجة النصر

حين راغَ مليكها الشاب يجوب البلاد لنصرة القدس،

ويصدح بقول الحق معلناً أن هذا الحمى المقدسي ليس من حق البُغاةِ الطامعين؛

فدوى صوته المُهدَّجِ في الأرجاء،

ودان لكبريائه عُتاة السياسة وزعماء العالم.

إنني أكتب اليوم بلسانِ ملكٍ شجاعٍ ما زال يحارب في ساحات الوغى وحيداً بعدما تضاءل كل المتنطعين،

وأكتب ببندقيةِ جنديٍ ما زال يربض على تخوم الوطن وعينه تحرس في سبيل الله ولا تنام،

وأكتب بقلمِ مُعلِّمٍ عشق الوطنَ وبذل ما لديه لخلق إنسانٍ مؤمنٍ بواجبه،

وأكتب كعاملِ وطنٍ يُزيلُ من طرقاتنا خُبثَ الوساوس والشرور؛

أكتب وأنا أفتخر بما آلت إليه الأمور بعدما سطرنا كأردنيين بمداد العز موقفنا من أجل القدس الأبية؛ وبعدما قاد جلالة قائدنا الهاشمي، ومعه شعبنا الأردني العظيم المعركة بحكمة الأنبياء وشراسة الأبطال الساعين إلى النصر بلا هوادة؛ كيف لا والأمر متعلقٌ بـالقدس بوابة السماء ومهبط الأنبياء. هي معركةُ الاردنيين بامتياز ومعركة كلُ محبٍ للحق والسلام؛ هي المعركة التي انتصرت بها الحكمة على غطرسة القوة والظلم والجهالة.

هي المعركة التي لبينا فيها نداء القدس وكان جلالة الملك عبدالله الثاني يتحزم بصبر شعبه الجسور وبالوصاية الهاشمية وبإرثه النبوي، يطوف بها العالم منبهاً من خطر القرار ومحذراً من سوء الاختيار ومناشداً الجميع أن العالم سيكون أمام بركان ستطال حممه كل الناس ولن ينجو منه أحد. فسمع دُهاة السياسة صوت الحكمة وبوح العقل الصادر منَّا؛ فكان النصر حليفنا لأننا نستحقه، وكان على قدرنا كبيراً مجللاً.

وأثنى الجميع على دور قيادتنا الهاشمية تجاه القدس وأماكنها المقدسة، وبدأ العقلاء في العالم يدعون إلى الاصغاء إلى جلالة الملك عبدالله الثاني باعتباره صوت الحكمة والاعتدال في المنطقة بالوقت الحالي، وأكدوا على دور الأردن الخاص جداً فيما يتعلق بالأماكن المقدسة في القدس، وأن جلالة الملك عبدالله الثاني هو صاحب الوصاية على هذه الأماكن المقدسة. وأنه رجل الحكمة الذي يستحق الدعم ولا بد أن يصغي له الجميع بانتباه شديد، لأن ضالة العالم في هذه الفترة الصعبة هي الحكمة.

إن شطط الرئاسة الأمريكية بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل يعني سلخ القدس من محيطها العربي ومن بُعدها الفلسطيني، ويشطبها من ملفات الوضع النهائي المتفق على الشروع بها في الطريق نحو بناء الدولة الفلسطينية، ويلغي الوصاية الهاشمية التي أقرتها ووافقت عليها كل الدول التي رعت إتفاقية وادي عربة بما فيها إسرائيل نفسها، ويتجاهل الدور الأردني الذي اعتبر القدس عاصمته الثانية منذ قرار الوحدة أوائل خمسينيات القرن الماضي، ويتناسى دماء أبطالنا التي أُهرقت على أسوارها وهي صاعدة إلى السماء، ويستهين بطُهْرِ الدمِ الهاشمي لعبدالله الأول وينزع قداسة قبر الشريف الحسين الذي نُفي عنها حياً وعاد إليها مسجَّى. كما وإن هذا الإعلان فيه تضييع لاحتمال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ويرفع وتيرة الاقتحامات الإسرائيلية للأقصى، وقد يتعدى ذلك إلى بناء الهيكل المزعوم.

وقف جلالته كالطود الشامخ، فكان فولاذياً لا ينكسر، وكان بركاناً هداراً لا ينفطر، ونطق كل شيء فيه حتى محياه الجميل؛ لأنه واثقٌ بأن القدس هي جميلة الجميلات ومن أجلها تهون كل المعضلات

القدس كشفت مَنْ هم الرجال، وعَرَّتْ مَنْ يدعون الذكورة أمام شعوبهم، وكشفت عن أرض النفاق، وفضحت أقوام الشقاق، وبقينا نحن في الأردن؛ ملكٌ تغار من شموخه النسور، وشعبٌ ذو عزة وكرامةٍ ورغم كل المصاعب هو صبور؛ ووطن صِبْغَتُهُ ربانيةٌ لا تبدلها المواقف ولا تبور.

مدار الساعة ـ