أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات جاهات واعراس الموقف شكوى مستثمر شهادة مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

لعيون كندة سائد المعايطة والبنات

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ
حجم الخط

كتب : محمد عبدالكريم الزيود

إليكِ يا ابنتي كندة، أكتبُ إليكِ فهذا صباح كانوني مملوء بالبرد والوجع والغياب، أبعثُ سلامي لكِ ولأهلكِ الطيبين مع الغيّم المسافر علّه يحمل مطرا وشوقا، وربما هطل دمعا، فالبلاد تنوء بالجفاف لكن كلّما أمحلتْ جاء الشهداء بالخير وأزهر دمهم كرامة وعزّة لنا، هو مثل دم أبيكِ سائد يوم نادته الكرك لم ينتظر انتهاء الصوت وإخترق وكر الإرهابيين، حتى الخوف فرّ من أمامه، لم يأبه بالرصاص والبارود إذ يلامس صدره، فيفوح المسّك والروح صاعدة، ظلّ يرمي حتى خذله الجسد والأصبع لم يغادر الزناد.

يا ابنتي كندة

اليوم يحق لكِ أن تفخري بأبيكِ، وهو يصعد مع الشهداء الذين مرّوا على التراب الكركي منذ جعفر الطيار إلى معاذ الكساسبة وهم يقدمون أرواحهم رخيصة، تباهي بأبيكِ فكل الشهداء كانوا ينخوا بأسماء البنات ويحدون لعيونهم يوم الهيّة :

"لعيون مشخص والبنات... ذبح العساكر كارنا"

وأكاد أجزم أن أباك سائد كان يقول وهو يرمي الأعداء:" لعيون كندة والبنات"، وأيّ بنات أجمل من بنات الشهداء، فالشهيد فرحان الحسبان أوصى ابنته "فيحاء" أن تتباهى به، مثلها مثل "جوان" ابنه الشهيد راشد الزيود وهي تزهو بأبيها وهو يخترق الصفوف لا يحمل إلا الله في قلبه.

الله على بنات الشهداء يا عروقا من ياسمين كم تحملنَ من وجع الغياب، وأنتنَّ الجيل القادم لبلدنا ، فيا كندة اليوم وأنتِ تزورين صرح الشهيد وتقرأينَ اسم أبيكِ سائد المعايطة شهيد القلعة على لوحة الشرف والبطولة هناك ، أرى في عينيكِ شوق البنات لطلّة الأب وهو عائد ويستقبلكِ بكل الفرح عند الباب وتتعلّقينَ به وتمسكين بالأوسمة على صدره، وتناديه ليشّم عطركِ وقد نثرتيه على الجدائل التي لم تجفَ بعد، تزورينه اليوم في ضريحه وأكاد يسمع صوتكِ وضحكاتكِ وخشخشات أساوركِ ، وتحملينَ دفاتركِ ليرى آخر ما رسمتِ له ، هو اليوم يفخر بكِ أيضا ونحن نفخر به أنه أستشهد بطلا مقبلا ولم يخاف الرصاص ولا الموت ، ومتى كان الموت بعيدا عن العسكر .

يا ابنتي كندة

بعض الكتابة نكتبها بمداد من القلب، ونحزن على رجالنا الذين إستحقوا الحياة، وصنعوا لنا مجدا على دمهم، وذهبوا وجلسوا بين الشهداء الذين لم يقصروا يوما مع الأردن وترابه، نبكي عليهم في زمن شحّتْ البطولات وتقزّمتْ مواقف الرجال، لكن تأكدي يا بنيتي يا كندة يا أجمل الأسماء، أنّ دروب العسكرية ما زالت تنبتُ شهداء وأبطالا وفرسانا، وأنّ من يراهن على كسر بلدنا سيخسأ مدحورا، لا نقوله كلاما من قصائد وأغنيات ، وإنّما هناك سواعد يذوب الرصاص قبل أن ترخي أصابعها عن الزناد.

رحم الله الشهيد البطل سائد المعايطة وكوكبة شهداء القلعة من رافقوه إلى عليين، وحماك الله يا ابنتي وكل أبناء وبنات الشهداء الأردنيين من أهلنا الطيبين..

مدار الساعة ـ