انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

البعد النظري الثالث

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/29 الساعة 21:52
مدار الساعة,اقتصاد,

إذا كان البعد الحادي عشر في فهم تركيب الأكوان هو من الأمور التي يتوقف عندها العقل مطولاً محاول سَبَر غورها، وفهم جوهرها حتى يستطيع تحليلها والغوص إلى عمقها، فالفلسفة كذلك، فهي وإن كانت تعنى وتهتم بدراسة المشاكل العامة والأساسية التي تتعلق بأمور كـالوجود، والمعرفة، والقِيَم، والعقل، واللغة عبر التساؤل، والمناقشة النقدية، وإلى الجدال بالمنطق، وتقديم الحجج في نسق منظم ليقودنا ذلك إلى الفهم ومن ثم القرار بأي طريق سوف نسير.

فالفلسفة وعلم تكون الأكوان كلاهما مثل آلة الكمان عند العزف عليها واللعب على أوتارها نحصل على نغمات مختلفة نتيجة إرخاء أو شد الأوتار. والكون والفلسفة بحسب هذه النظرية ما هو إلا سيمفونية ليس إلا، ومن الممكن الوصول الى المعرفة من خلال معرفة الأوتار ونغماتها، وكلاهما يشكل منهجاً في "التفكير والتعبير ".

ومدخلي هذا تفكيرٌ في بعد نظري ثالث بعيداً عن الرأسمالية والماركسية التقليديتين، يقود إلى اتجاه فكري جديد في التكوين النفسي والاجتماعي والاقتصادي للأفراد والمجتمعات وتحرراً من النمط الاقتصادي التقليدي للدولة الاشتراكية في ملكيتها لوسائل الإنتاج دون حدود او الحرية الاقتصادية المطلقة للأفراد على حساب رفاهية المجتمع فهو خليط إصلاحي بتركيبه خلاقة لنظريه جديده تتجاوز الشكلين التقليديين وتقدم نفسها بأكثر من شكل وصيغه.

إن عصر الثورة الصناعية الرابعة وهو يقود إلى إعادة اختراع الدولة ومحدداً علاقات الحكومات بالأسواق وعلاقات الافراد بالمجتمعات في عصر تضاءلت فيه المسافات بفعل الثورة التكنولوجية ليس بين المدن والقرى بل بين الاكوان والكواكب يتطلب أنظمة أكثر قدرة على إدارة مجتمعاتها في ديمقراطيات تكرس القيادة الجما عية وتنحي الاتجاهات الاستبدادية والنزعات الفردية، وتؤسس لعلاقات أساسها احترام الإنسان للفرد والجماعة والأيمان بضرورة الديمقراطية بين أفراد المجتمع ومشاركة الجماهير في اتخاذ القرارات وصنعها وتوظف التقدم العلمي والتقني والتحولات الناشئة عنه في سبيل الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية حتى في ظل الانكماش الاقتصادي، عبر أنظمة اقتصادية اجتماعية جديدة يتشارك فيها الجميع.

وهكذا فالبعد النظري الثالث سيشكل أساساً فلسفياً جديداً بعيداً عن وثنيات الايدولوجيات القديمة، ودعوة مفتوحة لشعوب العالم للتحرر والانعتاق من الفلسفات والأطر التقليدية، وستمثل طوق النجاة للبشرية في ظل أنظمة سياسية جديده توفر كل الحقوق وليس بعضها، كما توفر الحريات السياسية والمدنية للشعوب، وما دمنا نتحدث عن تغيير في المفاهيم، فلا بد للمجتمع الساعي نحو الديمقراطية الجديدة التي نتحدث عنها من نظرية تغيير جذريه تحدد له الطريق الذي يحقق فيه الديمقراطية المنشودة، وتشكل النظرية الجذرية الجديدة أساساً للنشاط الاقتصادي والسياسي حيث لا تغيير جذري بلا نظرية جذريه ورواد للتغيير جذريين.

والتغيير الجذري مرتبط بالتخطيط الاستراتيجي الذي يمس جميع جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وينتقل بها مرة واحدة نحو الهيكل الجديد الذي ينسجم والحرية الحقيقية وتشبع فيه الحاجات وتتحقق الديمقراطية بأبهى صورها، فالأمر يتعلق بتغيير المجتمع وتغيير المفاهيم وشكل الأنشطة السياسية والاقتصادية، لأن التغيير ليس عملاً مؤقتاً بل صيرورة للحركة الشعبية في التاريخ. وهذا يتطلب من الجماهير الوعي واليقظة المستمرة، وعدم التغافل والتسليم بالمفاهيم الرجعية، والتسلح بفقه علمي يلغي المنهج التلفيقي.

ولأن الديمقراطية منهج حقيقي للتغيير، وطريق صائب يبقي النظام السياسي متماسكا ً وقادراً على التعاطي مع المستجدات، وعاملاً حيوياً للعطاء المستمر، فيجب أن يبدئ بها التغيير بالموازاة مع تغييرات جذريهة في النظام التعليمي والثقافي، لأن هذا يحقق احترام حرية الرأي والتعبير والمساواة في الحقوق المدنية والسياسية بين المواطنين من مختلف القوميات والأعراق والأديان والطوائف، ويقود الى الابداع والتفكير في التفكير.

إن الديمقراطية التي نريدها ضمن هذا المنهج النقدي، هي الديمقراطية التي تتوافق ونضج الحالة الثقافية والقابلة للتطور واعادة الإنتاج في كل مرحلة ، لأنها شكل متقدم من أشكال الممارسة السياسية والاجتماعية الواقعية، وتعبير عن التطور الحضاري والثقافي للمجتمع، وهي لا تقوم على مبدأ تقديس الأفراد، أو تقديس سلطتهم، وأحقية هذا أو ذاك بالحكم دون غيره بل هي تقيم وزناً فقط للمؤسسية ودولة القانون.

لقد أثبتت الأزمات المالية العالمية عدم قدرة الأنظمة الحالية على الاستمرار اقتصادياً وسياسياً واجتماعيا، وأنها لا بد أن تتبع وسائل تحايلية لتتمكن من الصمود المؤقت إلى حين التمكن من وضع استراتيجيات جديدة ولكن هذا يدعو العالم الثالث إلى التنبه لخطورة ذلك على اقتصاداتها مما يتطلب من الجميع البحث عن نماذجهم الخاصة من أجل التغيير السلمي نحو الأفضل. وللحديث بقية.

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/29 الساعة 21:52