انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

يكفي أن اسمك ما زال يخيفهم

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/27 الساعة 21:14
حجم الخط

كتب: محمد عبدالكريم الزيود

عندما كتبَ الشاعر الراحل حبيب الزيودي قصيدته "يا مهدبات الهدب " وهو يرثيك أيها الشهيد الحي رفض أن يستبدل مفردة "غننّ" بـ "إبكن"، وكان يقصد أنّ الأردنيات والأردنيين رغم مرارة الفقد والخسارة فإنهم لم يبكوا ، وظلّوا يودعون شهداءهم وفرسانهم بالغناء فخرا بهم، ويكتمون حزنهم في عمق قلوبهم حتى لو فاضتْ العيون دمعا غاليا .

بعد ستة وأربعين عاما، ما زالت صورتك وأنتَ على باب الطائرة ذاهب إلى القاهرة ، ما زالت لا تغادر عيون الأردنيين، وقفتَ يا وصفي مؤديا التحيّة مبتسما ومودعا وطنك، أديّتَ التحيّة بكل عزّة وأنفة وشموخ، كنتَ تعرف أنكَ لم تكن مسافرا إلى مصر وإنّما إلى الله، وكنتَ تعرف أنكَ تمشي إلى حتفكَ وإلى الموت، ولكنه خُلق الأردني الشهم الشجاع لا يفرّ من عدوه، وكنتَ تدرك أنّ الرصاص ينتظرك ، وأنّ الخونة ليس لهم مأمن ولو أمّنوك ، غادرتَ شامخا وتعرف أنّ التراجع هو كسر لشوكة الأردنيين وأنتَ لا تقبله.

تمرُّ قرابة خمسة عقود على غيابك يا وصفي ، ولكن ما زال الأردنيون يستذكرونك كل عام وكأنهم فقدوك اليوم، فلقد ذهب دمك فداء للأردن ووجوده ، وأنكَ دفعتَ ثمن المرحلة وحيدا ، وما زاد وجع الأردنيين إحساسهم بالقهر والظلم إزاء من خطط وحرّض ونفذ الجريمة ، ومن أطلق القتلة بلا محاكمة ، لكن عمرك يا وصفي كان أطول من عُمر قاتليك ، وظلّت قامتك عالية وهم لا يدانون كعب حذائك.

الذين قتلوك كانوا يقصدون قتل مشروعك في حماية الهوية الوطنية، وتأسيس الدولة والمواطنة والمجتمع الزراعي المنتج، والإعتماد على الذات، والأكثر أهمية كانوا يستقصدون قتل مشروع تحرير فلسطين ومقاومة الوجود الصهيوني في المنطقة .

نمْ قرير العين في الكمالية سنمرّ اليوم ونقرأ عليك الفاتحة، ونسلّم على دارتك وزيتونها وسروها، سنبكيكَ وسنغني لكَ أيضا فقد أوجعتنا الدنيا، نهرب إلىك كلمّا أتعبتنا بلادنا، كلمّا طغت التجارة على المبادئ، والخصخصة والبيع بدلا من المقاومة والتحرير..

نشتاق إليكَ كلمّا تسيّد رجال الأعمال والمقاولون وتجار الوكالات صفوف السياسيين في بلدنا، وهم من يدّعون أنهم يحملون حلمنا ومشروعنا ولكن هيهات، فرق كبير بينك وبينهم ، فقد أصبحتَ عشق الصبايا وحلم الشباب وقصيدة وأغنية وعقدة السياسيين في بلدنا، ويكفي أن اسمك ما زال يخيفهم.

غادرتَ الدنيا مديونا وتركتَ إرثا عظيما أتعب من بعدك، غادرتَ مقتولا مظلوما، ولكنّك لم تغادر وجدان الأردنيين ،فقد زرعوك بها رمزا كبيرا إلى جانب من سبقوك من الكبار هزاع المجالي وصايل الشهوان وكايد العبيدات وغيرهم من الشهداء، نمْ قرير العين يا وصفي فلقد أديّت الأمانة وذهبت إلى الله حاملا دمك فإلى لقاء معك عند ملك الملوك الذي لا يظلم عنده أحد.

مدار الساعة ـ نشر في 2017/11/27 الساعة 21:14