مدار الساعة - كتب .. منصور حكمت النابلسي
لم أكن اتصور، ان تُقدم الحكومة على خطوة غريبة وغير مسبوقة في عالم الإستثمار والمساهمات الحكومية في الشركات العامة، كما فعلت في شركة الملكية الاردنية، التي تم خصخصتها منذ وقت طويل، لكن الحكومات المتعاقبة لم ترفع يدها عنها ولم تترك للمساهمين اي فرصة لإدارة الناقل الوطني الوحيد، الذي ظن كثير من المساهمين انهم بذلك انما يقومون بواجبهم الوطني في دفع نهضة بلدهم الحبيب الى الامام، عبر الاستثمار في وطنهم افضل من المغامرة والذهاب باموالهم الى الخارج. لكن معظهم وانا- كأكبر مساهم اردني بعد الحكومة- من الذين خاب ظنهم، وربما اسمح لنفسي القول، انني نادم على استثماري في الملكية الاردنية، بعد ان ثبت لي ولغيري من المساهمين، ان مساهمتنا ومشاركتنا، لا تعني شيئاً. وان لدى الحكومة من الاليات والسلطة، لإتخاذ اي قرار او إجراء دون ان تخشى شيئا، كتعيين مجالس الادارة التي لا تزيد عن كونها تنفيعات، دون الرجوع او الاهتمام برأي احد مهما كان حجم استثماره، فضلا عن قرارات اخرى، بعضها معروف وبعضها غير معروف، يتم بطرق سرية او علنية، كما فعلت الحكومة، عندما نشرت خبر شرائها مئة مليون سهم بسعر 39 قرشاً للسهم الواحد (سعره في السوق 45 قرشاً) دون ان تدفع علاوة إصدار مقدارها 61 قرشا لكل سهم، وذلك عبر اعلان صغير الاحرف وفي مكان يكاد لا يُرى بالعين المجردة، في صحف الرأي والغد والدستور يوم الاثنين 20 /11 ،وربما ما كانت الحكومة لتنشر مثل هذا الاعلان، لولا ان القانون يجبرها على نشره في الصحف اليومية لإطلاع الجمهور.
أن تسمح الحكومة لنفسها بشراء أسهم في شركة عامة بسعر أقل من سعر السوق بنسبة تقترب من 50 %ثم لا تدفع علاوة إصدار، يعني أنّها غير معنية بمصالح الجمهور الأردني وبخاصة المستثمرين الحاليين، الذين من حقّهم أن يفعلوا (إن أرادوا) ما فعلته الحكومة، إضافة إلى أن الحكومة بسلوكها هذا (استردّت) فيه مبلغ 25 مليون دينار بدون قرار من الهيئة العامة، إنّما حصلت على أرباح إجبارية وغير قانونية ولم تلتزم بدعوات جلالة الملك عبداالله الثاني في خطاب العرش السامي لدى افتتاحه الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة الثامن عشر، عندما طالب الحكومة باعتماد الشفافية في أفعالها وقراراتها.
يبدو أنّه لم يعد من الحكمة مواصلة الكتابة وإطلاع المواطن على حقيقة ما يجري في كثير من المؤسسات والشركات التي تمّ خصخصتها، وباتت شركات مساهمة عامّة لا يحقّ للحكومة التدخّل فيها إلّا بمقدار ما تملكه من أسهم، دون أن تستخدمّ نفوذها وسلطتها من أجل إتّخاذ قرارات وفرضها دون سند قانوني ودون علم المساهمين والمستثمرين، ثم يُقال لنا أنّها تشجّع الاستثمار وتسعى لجذبه، وإزالة العقبات التي تعترضه.
فهل في ما فعلته الحكومة في الملكية الأردنية شفافية وانسجام مع القانون وجذب للاستثمار؟ أم أنّه تنفير وإبعاد للمستثمرين وبخاصّة الأردنيين منهم، الذين باتوا حيارى أمام التناقض بين الأقوال والأفعال؟.
تقتضي الشجاعة والمصلحة العامة أن أُخبر الحكومة أنّني ومساهمين أردنيين، نعتزم رفع دعوى قضائية أمام الجهات والمرجعيات القانونية ذات الصلة، لمعرفة مدى قانونية الإجراء الحكومي الأخير. وأيضاً لقطع الطريق على الوعد والقرار الذي أصدرته الحكومة السابقة، لرئيس وزراء لبناني أسبق بشراء أسهمه بمبلغ 80,1 دينار لكلّ سهم من أسهمه.
وأتساءل في النهاية: لماذا لا تقوم الحكومة بشراء أسهمنا نحن المستثمرين الأردنيين وهي الآن لم تعد تزيد عن 10 %من مجموع أسهم الملكية الأردنية؟ فتريحنا وتستريح وتطوي صفحة خصخصة الشركة المتعثّرة، والتي أسهمت القرارات المتعاقبة في تعثّرها وتراكم خسائرها؟.
الراي