الشكوى العامة اليوم من احتكار بعض أبناء المسؤولين والمتنفذين لمواقع أساسية في مؤسسات الدولة وتوارثها جيلا بعد جيل، ممارسة لها جذور في النظام الاقطاعي والنظام العشائري حيث ينظر لهذه الوظائف على انها مواقع تليق بالشيوخ وابنائهم. بدون تفكير نخاطب بعض المسؤولين عندما نريد الثناء عليهم وعلى أدائهم "والله إنك شيخ بن شيوخ" دون إدراك أن العمل المؤسسي لا يحتاج إلى عطف وجسارة الشيوخ بمقدار ما يحتاج إلى الالتزام بقواعد العمل وأسس الجدارة وموضوعية الأحكام.
اليوم وبالرغم من المحاولات المتعددة للتحديث فإننا ما نزال نشهد رواسب النظام الإقطاعي ماثلة أمامنا تلقي بظلالها على الفكر والقيم والأنظمة والعلاقات وتؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة على كيف يفسر الناس مفاهيم الحق والفضيلة والفساد والحرية وغيرها من القضايا التي توجه العقل في تعريفه للخير والشر وأحكامه على ما هو مقبول ومرفوض أو مقدس ومدنس. فالقبيلة والعشيرة والطائفة تتقدم في القوة والتأثير على الدولة والحزب والتنظيمات الطوعية التي تؤلَّف باسم الحداثة.
بعض الأصوات الشابة وغير الشابة التي ترتفع في فضاءات مؤسساتنا السياسية والاعلامية والبرلمانية تمارس شكلا أو آخر من اشكال الانتهازية والنفاق السياسي بالدعوة الى الحداثة وسيادة القانون في العلن وتعمل على مغازلة العشيرة واللجوء اليها في السعي للوصول الى المكاسب والامتيازات، ويلوذ بها للحماية إذا ما واجهته مشكلة.
فالعشيرة والطائفة والطبقة كيانات ساكنة يجري إحياؤها وتفعيلها وتنشيطها واستغلالها من قبل الأفراد الأعضاء عند الحاجة والابتعاد عنها وهجرها في أوضاع الرخاء الاعتيادية.
الغد