مدار الساعة - كتب: عبدالحافظ الهروط - يستشيط المسؤولون غضباً عندما يوجّه لهم انتقاد، ولكنهم يطربون للتسحيج وسماع لقب: دولتك، باشا، معاليك، عطوفتك، سعادتك، الشيخ فلان، وما اكثر الألقاب.
وصفي التل، طيب الله ثراه، مهما تناول الاعلام سيرته، لن ينصفه، ولن ينصفه الا الناس، فهذه الشخصية المتفردة التي استوت على سوق المسؤوليات والكراسي، لم تكن في يوم من الايام للمنافسة، لأن منافسيه وخصومه من الساسة والمسؤولين قد خسروا امامه في كل منافساتهم ومنازلاتهم، حتى ان رئيساً مثل مضر بدران اطال الله في عمره، اعتذر للراحل الحسين رحمه الله ان يحل محل وصفي بعد خبر استشهاده، ليقول في مذكراته" سيدي هذا كرسي كبير لا يملؤه الا وصفي".
بالتأكيد، المقارنة ظالمة بين الرئيس وصفي والرؤساء الآخرين، ولكنها محسومة لصالحه، الا ان الحديث عندما يأتي او تفرض الاحداث والمناسبات والوقائع والمواقف حضورها،فلا بد ان يقول الشعب كلمته.
لا نقول بين موقف من مواقف وصفي التل التي لا تعد ولا تحصى، وموقف رئيس الوزراء الحالي هاني الملقي، خيط رفيع، وانما جسور عميقة.
قبل غروب الشمس في يوم من ايام الربيع، يقدم رئيس الوزراء وصفي من الشونة الجنوبية ومعه سائق باتجاه عمان واذ بأطفال يلعبون "كرة الشرايط" في ساحة جرداء، فيتوقف عندهم، متسائلاً عن وضعهم الدراسي ومشجعاً لهم على ممارسة رياضتهم المفضلة، وقد أمر سائقه قبل هذه المحاضرة في الهواء الطلق باحضار كرة من الجلد وقمصاناً بأعداد الأطفال.
يبقى وصفي مع الاطفال يحاورهم ويلاعبهم، حتى أتى السائق من عمان بـ"الفطبول" والقمصان، فيلبسها "دولة الرئيس" أبناء الوطن واحداً واحداً، وعندما هّم بالمغادرة،فاجأه السائق "يا عيال ما عرفتوا مين اللي اشترى الكوا هذي الأغراض وتشكروه، هاظ رئيس الوزراء وصفي التل"، فنظر اليه وصفي وقد نهره " انا ارسلتك حتى تقول وصفي "؟
نقول هذه السياسة الاردنية والمدرسة الاردنية والزعامة الاردنية وهؤلاء رجالات الاردن.
على النقيض تماماً، يمر موكب الرئيس هاني الملقي مساء امس الخميس قادماً من اربد وفي اثناء مروره بمنطقة سلحوب كانت هناك سيارة احد المواطنين تحترق كاملة، ليمر الموكب وكأن أمراً لم يكن – على ذمة الرواة ابناء المنطقة – الذين عبرّوا عن امتعاضهم، فيما يُنقل عن بعض المرافعين عن "دولته" بأن الموكب استمر في مسيره حتى يتيح لرجال الاسعاف ليقوموا بواجبهم.(نترك المرافعة ليحكم الناس عليها).
دولة الدكتور هاني الملقي، لا نريد الانتقاد بقصد النقد، فالشواهد التي تقول انكم وحكومتكم بعيدون كل البعد عن الشعب، كثيرة، فكيف تكون لكم شعبية، او تقتربون من اطرافها، كما هي باقية لشهيد الاردن والأُمة رغم غيابه الذي يقترب من نصف قرن ونحسب انها ستظل ما دام الشعب الاردني حياً، ودمتم دولتكم.