قلت في مقال سابق حول مؤتمرالخيار الأردني، الذي تبناه اليمين الإسرائيلي، أن علينا أن نضع آليات فاعلة لمواجهته وللحيلولة دون الوصول الى اهدافه, إنطلاقاً من القناعة بأن الأمر ليس أمر «حفنة» ادعت أنها معارضة أردنية في الخارج، لكنه أمر قناع يختبئ خلفه الخطر الحقيقي. وقد علمتنا التجارب أن النكرات يخبئون خلفهم أخطاراً كبيرة، حيث يقدم ما سمي بالربيع العربي، الذي تسبب لوطننا العربي بالكثير من الدمار، وأغرقه في مستنقعات الدم ومازال، الكثير من الشواهد والأدلة على صحة ما أقول، من أمر النكرات الذين وفروا الأقنعة للذين حملوا الدمار لبلادنا، وإلا دلوني على أول من أطلق الشرارة التي ألهبت مصر، ومازالت نيرانها تأكل في كبد مصر، حتى يوم الناس هذا.
• ودلوني على أول من أشغل النيران في ليبيا وسلمها إلى قطعان التكفيريين.
• ودلوني على أول من حرك الفتنة، التي أكلت أخضر سوريا قبل يابسها، وحولتها إلى دمار ومازالت.
• ودلوني على من أشعل النار في تونس، بعد أن أشعل البوعزيزي جسده؟ ولماذا لم يحدث هذا الذي حدث في تونس في بلاد كثيرة، يحرق فيها الناس أجسادهم أو يقذفونها من فوق بنايات شاهقة أو جسور معلقة احتجاجاً على واقعهم الظالم.
• ودلوني على سر هذا التتابع في إشعال النيران من تونس إلى ليبيا إلى مصر، ثم إلى سوريا، ومن هم الذين أشعلوا كل هذه النيران في هذه الأجزاء من جسد العربي بالتوازي والتتابع؟
وما هي المآلات التي آلت إليها الأمور في بلدان ما سمي بالربيع العربي، الذي كانت وراء إشعال نيرانه في كل بلد عربي «حفنة» مجهولة شكلت قناعاً للمحرك الحقيقي، وهو ما ندعو إلى الانتباه إليه، من خلال معالجتنا للثغرات في بناء جبهتنا الداخلية، حتى لا تتسلل من خلالها حفنة النكرات فتشعل النيران في بلدنا، كما فعلت من قبل في بلدان ما سمي بالربيع العربي، التي قدمت، الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية وإدارة الظهر للناس فرصة ثمينة للمتآمرين كي يحركوا دماهم ويتستروا خلفها لتدمير مقدرات الأمة.
أننا نذكر بذلك كله، ونحن نؤشر إلى مؤتمر اليمين الإسرائيلي الذي أسموه مؤتمر «الخيار الأردني»، معلنين أن هدفهم هو «النظام البديل»، وليس «الوطن البديل» بل أنهم لم يتورعوا عن تسمية رأس هذا النظام، وهو شخص لم يسمع به أحد قبل أن يستخدمه اليمين الإسرائيلي قناعاً لتمرير مخططه ضد بلدنا خاب ظنهم.
ومثلما علمتنا التجارب أن النكرات يخبئون خلفهم أخطاراً كبيرةً، علمتنا أيضاً أن لعبة الإعلام قادرة على تحويل النكرات إلى مشاهير، وقادرة على تسويقهم، وأكثر من ذلك فإنها قادرة على قلب الحقائق، بل وأكثر من ذلك فإنها قادرة على افتعال الأحداث، وجعل الكثيرين من الناس يصدقونها، وقد شاهدنا ذلك في تغطيات بعض الفضائيات لمجريات أحداث ما سمي بالربيع العربي، وكيف أن هذه الفضائيات بنت في استوديوهاتها مجسمات لمدن عربية، ادعت أن جماهيرها تحرقها.
لما تقدم فإن علينا أن لا نغفل الجانب الإعلامي في معركتنا مع اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي تبنى مؤتمر الخيار الأردني، وأحضر الحفنة التي أسماها المعارضة الأردنية في الخارج، للمشاركة فيه، وهو يعلم تمام العلم أن هذه الحفنة لا أثر لها على الأرض الأردنية، لكننا يجب أن لا يغيب عن بالنا وتفكيرنا سيطرة اللوبيات الصهيونية على وسائل الإعلام العالمية والإقليمية، ومن ثم قدرتها على تسخير هذه الوسائل لتشويه الحقائق، أولصناعة نجوم افتراضيين، مما يحتم علينا أن ننتبه جيداً إلى أسلحتنا الإعلامية من جهة، وأن نحصن جبهتنا الداخلية ضد التضليل الإعلامي من جهة أخرى، لأن هذا التضليل سيكون سلاحاً أساسيا من أسلحة اليمين الإسرائيلي في معركته المحمومة ضد الأردن، التي نعتقد أنها بمؤتمر الخيار الأردني قد انتقلت إلى مرحلة متقدمة، علينا أن نأخذها على محمل الجد.