كثيرة هي الاشارات الدالة على أن المصالحة الفلسطينية هي عتبة الدخول الى مشروع “صفقة القرن” التي تحدثت عنها مصادر اعلامية وسياسية دون دليل ملموس، الى ان تزامن وصول وفد اسرائيلي مع بداية اجتماعات طرفي المصالحة الفلسطينية “فتح وحماس” على متن طائرة خاصة ودون اعلان مسبق.
الوفد الاسرائيلي يصل الى القاهرة بعد ايام من زلّة لسان – جرى التجاوز عنها – الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال لقاء مع الاعلامي عمرو اديب، قال فيها: ان “الهدنة” الموقعة بين حركة حماس وحكومة الاحتلال الصهيوني ما زالت قائمة والمفارقة ان الهدنة جرى التوقيع عليها في مكتب الرئيس المصري السابق محمد مرسي وبرعايته وانها متزامنة مع الرسالة الشهيرة التي ارسلها مرسي الى رئيس دولة الاحتلال وقتها شمعون بيرز.
الاعلام المصري الذي يمسك بتلابيب التفاصيل الصغيرة التي تحمل ادنى ادانة لجماعة الاخوان ورئيسها، قفز عن هذا التصريح الفلسطيني الخطير جدا، وكذلك صمتت قنوات الاخوان والسنة حماس عن نفي المعلومة، التي اطلقها الرئيس عباس دون وجل معترفا بانه يعلم بالهدنة ولكنه لم يحضر التوقيع.
هذا المشهد او هذا الانكشاف اذا ما تم ربطه بازالة الاعتراض الامريكي والاسرائيلي عن المصالحة الفلسطينية وكذلك صمت تيار الاصلاح داخل فتح بزعامة محمد دحلان عن تهميشه بعد المصالحة وتجاوز حماس للاتفاقات معه، يؤكد ان المصالحة استحقاق خارجي لصفقة القرن ومشروع التسوية النهائي وليست تجاوبا وطنيا للحالة الفلسطينية ونضال شعبها .
تزامن وصول طائرة الوفد الاسرائيلي مع اجتماعات الفرقاء الفلسطينيين في مبنى المخابرات المصرية، ليس صدفة ولا يمكن ان يكون كذلك، فكل اطراف الصفقة موجودون اليوم في القاهرة التي اعلن الرئيس عباس مرارا وتكرارا انها صاحبة الولاية على الملف الفلسطيني العام وملف المصالحة الفرعي.
هذه التصريحات وهذه الوفود كلها تتحرك في فضاء يبدو ان الاردن الرسمي بعيد عنه او ليس في صورته، وهنا لا بد من سؤال مفتوح عن مدى الاطلالة الاردنية على تفاصيل صفقة القرن، علما بأن الشيطان يسكن في التفاصيل لا خارجها.
كل المؤشرات وكل متابعة للخيوط، تكشف ان صفقة القرن باتت على الابواب، وكل المؤشرات تقول ان الحالة الفلسطينية خاصة والعربية بالعموم ليست مؤهلة لجلوس آمن على طاولة التفاوض فكيف الحال بفرض الشروط البسيطة قبل الصعبة؟ فالصفقة تبعا للتصريحات الامريكية لن تتحدث عن حل الدولتين بل عن تسوية سياسية سبق ان اشار اليها السياسي عدنان ابو عودة احد الفاعلين في العملية السياسية التفاوضية، بأنها اقل من دولة واعلى من حكم ذاتي، لان اي مسؤول امريكي لم يصدر عنه او على لسانه مصطلح “حل الدولتين” على الاطلاق.
سرعة استجابة اطراف الصراع الفلسطيني، وحراك القاهرة السريع ومباركة الادارتين الامريكية والاسرائيلية في ظل ظرف عربي قريب من الانهيار لا يمكن ان يفضي الى نتائج تحقق ادنى طموح الشارع الفلسطيني والشارع العربي، فالسلام العادل هو السلام المتحقق من فوهات البنادق والمدافع والواقع يكشف باننا امام حلول انسانية لمعاناة اهل الضفة والقطاع والسؤال على حساب من هذه التسوية وأظن الجواب واضح..!
الدستور