مدار الساعة - كتب .. عبدالله شاهين
قيل قديما أن الف عطّار لا يقوى على فسّى، وهذا حال مؤسسة الأمن في الإردن، إذ أن ما ينجزه الشرفاء فيها من ضبطيات وما يقدمونه من تضحيات تذهب كلها أدراج الريح جراء ما يفعله بعض الشراذم فيها، دون ان نعفي سياسات التعيين و التأهيل البالية، من المسؤولية عن وجود مثل هؤلاء المرضى.
بالأمس تكلمنا عن النصائح الاخوية للمخابرات الأردنية، مع انه والحق يقال "مخابرتنا" تعتبر 5 نجوم، اذا ما قورنت بسفالة بعض عناصر البحث الجنائي من شاكلة الذين اعتدوا جهارا نهارا على الدكتور محمد ذيابات.
في البلاد المحترمة وإزاء مثل تلك القضايا واحتواءً للغضب الشعبي العارم وقبله كرامة الوطن والمواطن، يتقدم وزير الداخلية او أقلها مدير عام البحث الجنائي بالإستقالة من منصبه فور ثبوت إدانة المتورطين بفعل خسيس، ممن سبق واسميتهم "سناكيح" الأمن الذي تسللو اليه في غفلة وفق مبدأ الثقة قبل الكفاءات..
ولكم أي ثقة وأي تعاون و احترام سيبقى لدى المواطن الاردني في تعامله مع جهازٍ لا يلقن افراده مبادئ حقوق الانسان قبل تلقينهم شعارات أمنية جوفاء تحكي لهم أن أمن البلاد خطٌ أحمر، فيما هم مصابون بمتلازمة عمى الألوان؟
مثالان من أرض الواقع، على كيفية تعامل المخابرات من جهة والبحث الجنائي معي أنا شخصيا من الجهة الأخرى، وأترك لكم المقارنة والتقدير، رغم ان هذه الأحداث جرت قبل اكثر من 30 عام.
كنت حينها طالبا في بداية المرحلة الثانوية بمدرسة فوزي الملقي، ولطول لساني سلموني الإذاعة المدرسية، فألقيت كلمةً تشجب حافظ الأسد وما فعله نظامه الدموي في مذابح حلب وحماه، فش خمس دقايق واذا بسيارة المخابرات واقفه بنص ساحة المدرسة وقالولي بكل أدب واحترام.. تعال جاي.
رحت معهم، وجابولي كاسة شاي، وقال لي يومها مدير المخابرات المرحوم أحمد طعيمه بتواضع جمّ.. يا بنيّه فكك من هالسوالف وإنقلع من قدامي أحسنلك، والله اني كيفت وفورا إنقعلت وما عدت عدتها.
فش شهر زمان، حتى استوقفتني سيارة البحث الجنائي ونط منها واحد شكلو مثل الضبع، فتشني ولوالي ذراعي وحشاني بالسيارة، انا قلت خير اللهم اجعله خير، قسما بالله ما عرفت شو بدو مني، ولمن سألتو وين رايحين هيك عباب الله، قلي سد بوزك بتعرف بعدين..
كان عمري لا يتجاوز حينها 16 سنه، وأتمتع بخيالٍ خصيب، فراح (الباحث الجنائي) يتحدث بجهازه الى صديق له، ويخبره انه أمسك بالجاني، وأنه يبحث الآن عن مكانٍ مخلي في أطراف المدينة ليقطع لي لساني، انا سمعت هالحكي وما ظلش فيّ دم، وركبي صارت تروج وذاني صارت اتطن، وصرت اتخيل كيف بدي اتناول الطعام وأعيش بدون لسان..
بالآخر فتحلي الباب ورفسني برات السيارة، ولغاية الإن قسماً بالله ما بعرف شو سويت وليش تمرقطني هالمرقطة..ابن هالحلال.
الحمدلله اولا، والشكر والمنّة للغرب ثانيا، الذي اتاح للناس اليوم، هذا الفضاء الأزرق والأخضر ومن قبله جهاز الهاتف النقال، للكشف عن تلك البلطجات وإن كنّا من قبلهم لمن المسحولين و الناس عنا غافلين..