انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

سياسة الاعتماد على الذات

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/17 الساعة 00:09
حجم الخط

سياسة الاعتماد على الذات سياسة صحيحة من كل الوجوه، وطريق الاستغناء عن المنح الخارجية هي الطريق الأفضل والمنهج الأسلم في معالجة ما نمر به من أزمات، وينبغي ان نكون قد قطعنا شوطا طويلا في هذا المسار منذ زمن بعيد، وما ورد في مقابلة جلالة الملك قبل أيام حول هذا الموضوع يشكل مخرجا وعنواناً للمرحلة و للتوافق الحكومي والشعبي ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية اذا استطاعت الحكومة تنفيذ ذلك بجدية، لكن ما يجب الاحاطة به علما منا جميعا أن منهج الاعتماد على الذات ليس امرا سهلا وليس مجرد شعار ويحتاج الى تغييرات عميقة وجذرية، لانه لا يمكن ان يتحقق دون الأخذ بأسباب نجاحه وتوافر العوامل التي ترسخ ركائزه وتهيئ البيئة السليمة لنموّه، ولا بد من دفع ضريبته من جميع الأطراف بلا استثناء، وفي هذا السياق يمكن الالتفات إلى مجموعة خطوات مهمة وضرورية:

أولاً: الاعتماد على الذات يحتاج إلى رؤية استراتيجية وخطة وطنية شاملة ؛ تأخذ بعين الاعتبار جميع المسارات الرئيسة المهمة، بحيث تتضافر جميعاً من أجل انجاح هذه الاستراتيجية دون اغفال واحد منها، وتحتاج المسألة إلى بضع سنوات ربما لا تقل عن خمسة أعوام، بحيث يتم الانتقال من عام لآخر بتدرج وعبر منحنى متصاعد نحقق في كل عام ما يقارب 20% من مجمل الهدف، ويكون واضحاً ومعلناً وقابلاً للتقويم العلمي المحدد في نهاية كل عام من أجل الاستدراك وتصحيح مواقع الخلل.

ثانياً: سياسة الاعتماد على الذات تحتاج إلى مشاركة شعبية فاعلة وواسعة، بحيث تكون الخطة قائمة على انخراط الشعب بكل قواه الحية وبكل مكوناته وشرائحه في هذا الطريق ويعمل لنجاحها، على الصعيدين السياسي والاقتصادي معا وبشكل متواز، وضمان مشاركة القطاع العام والقطاع الخاص وفق رؤية تكاملية لا تظلم طرفاً على حساب طرف، من أجل أن يشعر الناس أنهم شركاء في الفكرة وشركاء في الخطة وشركاء في التنفيذ، والمشاركة الشعبية لا يمكن تحقيقها إلا عبر أطر سياسية وطنية قوية و ناجحة، مما يحتم علينا جميعاً العمل الجاد على ايجاد الأحزاب السياسية التي تمثل البرامج المقبولة لدى الجمهور، لأنه لا بديل عن الأطر السياسية البرامجية، وينبغي أن لا تنصرف الأذهان إلى نموذج الأحزاب الموجودة وصورتها النمطية التقليدية على وجه التحديد، بل يجب أن يعلم جميع اصحاب الأفكار والبرامج والرؤى المقترحة أن المجال مفتوح امامهم لصياغة إطار جديد إن كان قادراً عى تحقيق الالتفاف الشعبي، وهنا إجابة على كل من يطرح انتقاداً للأحزاب القائمة أنه بامكانه إيجاد حزب جديد، وهي تجربة عالمية وبشرية ممتدة ولسنا بدعاً من الأمم والشعوب، وذلك من أجل تأطير المشاركة الشعبية ومأسستها.

ثالثاً: محاربة الفساد بطريقة صارمة وحاسمة، ويجب أن نعترف أولاً أنه خلال المراحل السابقة تشكلت نخب مصلحية عديدة، قامت على احتكار الموارد وتوريثها للابناء والاحفاد جيلا بعد جيل، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى التشبث بالوضع القائم و عدمحدوث اي تغيير على المعادلة القائمة والمستمرة، وتعمل جاهدة للحيلولة دون نشوء أطر سياسية شعبية حقيقية بديلة تنافس المستأثرين بالثروة واحتكارها، وهنا يكمن سر الأزمة على وجه التحديد، وشعار هذه النخب المصلحية «بقاء ما كان على ما كان عليه»، أو (نحن أو الطوفان)، والمسألة السياسية والاقتصادية مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً في هذا السياق بشكل يقيني لا يقبل الشك، لأنهم يسعون إلى حماية مصحالهم الاقتصادية من خلال النفوذ والتأثير في القرار السياسي، وان استمرار التغافل عن هذه المسألة واهمالها يعني بكل تأكيد عدم التقدم خطوة واحدة نحو إنجاح سياسة الاعتماد على الذات.

رابعاً: فيما يتعلق بالأشخاص القائمين على تنفيذ خطة الاعتماد على الذات لا بد من تجنب الأشخاص الذين تمت تجربتهم سابقاً وأولئك الذين يتحملون مسؤولية ما وصلت إليه الأمور، ولا يجوز أن تبقى المسؤولية ضائعة، وأن تبقى كرة الاتهام طائرة في أفق الشائعات لا ترسو على برّ، كما أنه من ضرورات المشاركة الشعبية ايجاد الأشخاص الذين يحظون بثقة الجمهور ويمثلون الشعب تمثيلا صادقا، وتخلو سيرتهم من حكايات الفساد ومسلك التواطؤ ضد المصلحة العامة او السطو على المال العام وليسوا من اولئك الذين ترتبط مصالحهم بالصيغة الاقتصادية السابقة، وهذه ليست مسألة مستحيلة فهناك العديد من الكفاءات الوطنية المخلصة القادرة على تحمل المسؤولية.

خامساً: المسار الإعلامي له دور كبير ومهم وفاعل في انجاح برنامج الاعتماد على الذات من خلال التعبئة المعنوية والقدرة على حشد الجمهور في مواجهة قوى الشد العكسي، وان يعمل على إلهاب المشاعر العامة في خدمة المشروع الوطني الكبير القادر على جذب شريحة الشباب ليكونوا هم عماد النهضة الحديثة، وهم أصحاب الدور الابداعي في إنجاز المهمة وتجاوز العقبات التي تحول دون التقدم والنجاح والفوز في سباق معركة بناء الذات والاعتماد على النفس وتحقيق المعجزة الأردنية المتوقعة عندما تصدق النوايا.

الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/09/17 الساعة 00:09