الكاتب : المحامي زيد الايوبي/ القدس
من خلال الوقائع الثابتة فان جهاز عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس والذي يقوده محمد الضيف كان له بصمة مهمة وواضحة خلال عملية استيلاء وسيطرة حركة حماس على غزة من خلال الانقلاب العسكري الذي نفذته حماس على السلطة الشرعية في منتصف العام 2007 .
حركة حماس التي فازت في الانتخابات التشريعية في العام 2006 سعت الى تكريس عدة اجهزة امنية الى جانب القسام لمساعدتها في احكام السيطرة على القطاع فشكلت القوة التنفيذية وجهاز الامن الداخلي وجهاز الضبط الميداني بالاضافة لاجهزة امنية استخباراتية اخرى، لكن جهاز القسام بقي الاقوى والاهم صحيح انه التفت عن مهمته التي انشأ من اجلها وهي مقاومة الاحتلال وراح يساعد قيادة حماس في تكريس حكم الامر الواقع في غزة من خلال تدخله في كل كبيرة وصغيرة تهم المواطن الغزي، فالقسام هناك يعتقل ويحقق ولديه مقرات ومخبرين وقدرات عسكرية تجعله قادر على فعل كل شيء عدا عن ان قيادته وموازنته مستقلة عن المكتب السياسي لحماس ولديه مصادر التمويل الخاصة به والتي لا ترتبط بتمويل حماس كحركة سياسية .
اليوم لحسن حظي جمعني لقاء جميل بصديق قديم وهو من قيادات حماس في الضفة وتعرفه مساجد مدينة البيرة جيدا وهو مطلع على الكثير من الامور الحمساوية الداخلية التي لا يطلع عليها الا نفر قليل وخلال اللقاء الذي اعتز به دار بيني وبينه نقاش طويل حول وضع حماس الحالي فهمس بأذني ما اثار استغرابي ودهشتي بل واذهلني بوقائع خفية تجري تحت الثلج في غزة ولا احد يشعر بها لكن الثلج سيذوب يوما ليس ببعيد .
حدثني صديقي المطلع عن امور حماس الداخلية وما يجري من مجريات تغييرية على مضمون حماس المقاومي قائلا: ان المكتب السياسي لحركة حماس قد وضع خطة استراتيجية لتفكيك جهاز عز الدين القسام ودمج عناصره وقيادته بالاجهزة الامنية الحمساوية وفق الاحتياج .
ويضيف صديقي المخضرم في حماس ان خلف هذه الخطة قوة اقليمية تشترط على قيادة حماس تفكيك القسام مقابل استمرار الدعم المالي لحماس فهذه القوة الاقليمية النافذة والغير مفهومة احيانا لا تريد ان تظهر امام الامريكان والاوربيين وبعض القوى الاقليمية الاخرى وكأنها تدعم مليشيات اسلامية مسلحة بحيث يسهل على خصومها وسمها بدعم الارهاب وبالتالي يكون لذلك تأثير على علاقات هذه الدولة الاستراتيجية مع بعض الدول النافذة على مستوى العالم وخصوصا امريكا .
يشير صديقي المطلع ان فكرة تفكيك جهاز القسام ليست بعيدة عن الحوارات والتفاهمات الدائرة بين حماس غزة وجماعة الدحلان فعلى ما يبدو ان الاخير هو اما صاحب الفكرة او ان حماس ستستعين بخبرته لتفكيك الجهاز بأقل الاضرار الداخلية خصوصا وانه لديه خبرة في تفكيك اجهزة المقاومة وله باع طويل فيها ومن يستطيع ان ينسى ذلك .
صديقي الحمساوي النافذ يؤكد على ان المهم في الموضوع ليس وجود دور لدحلان في تكريس خطة التفكيك هذه ام لا وانما الاهم هو الخلاف الكبير بين قيادات القسام التي ترفض الفكرة وبين اعضاء المكتب السياسي التي تسعى لتطبيق و ارساء الخطة والسير على هديها حتى تحقيق نتائجها .
يستطرد صديقي الشيخ المخضرم في حماس فيقول ان مؤيدي فكرة تفكيك القسام في المكتب السياسي لحماس وعلى رأسهم هنية والسنوار والحية وروحي مشتهى يريدون من خلال تجسيد خطة تفكيك القسام باظهار حركة حماس وقياداتها امام الراي العام بانها حركة تتبنى فكر الدولة والبناء والمؤسسات سيما وان من ضمن الفكرة جمع السلاح من المواطنين والعشائر وباقي فصائل المقاومة تحت شعار (لا سلاح الا سلاح سلطة حماس) كما ان جمع السلاح الموجود بين ايدي المواطنين بغض النظر عن هدف وجوده بايديهم سواء كان للمقاومة او لارتكاب الجرائم سيساهم في تعزيز امن المواطن وسيحد من الجرائم التي ترتكب يوميا في القطاع تحت ذرائع مختلفة كما ان خطة التفكيك ستساهم في تنمية ميزانية حماس لان الدعم المالي الذي يتلقاه القسام من بعض القوى الاقليمية سيتحول الى خزينة حماس فقط وهو ما سيكون له اثر في حلحلة ازمات حماس المالية.
في المقابل فإن المعارضين لفكرة تفكيك القسام وابرزهم القائد العام محمد الضيف ومحمد السنوار قائد لواء خان يونس ومحمد ابراهيم ابو شمالة قائد لواء جنوب غزة واحمد الغندور قائد لواء مدينة غزة ورائد سعد المعروف بابي معاذ من قيادات لواء مدينة غزة كل هؤلاء وغيرهم من قيادات القسام يرون ان تفكيك القسام سيساهم في زيادة حدة البطالة سيما ان كل عنصر في القسام يتقاضى راتب شهري لا يقل عن 1400 شيكل بالاضافة لان تفكيك القسام سيضعف القدرة الامنية والعسكرية لحركة حماس في قطاع غزة في مواجهة خصومها السياسيين عدا عن ان تطبيق هذه الخطة سيساهم في اضعاف بعض القيادات النافذة للقسام والتي تعتمد على وجودها في القسام لتكريس سطوتها الاجتماعية ولا شك ان بعض السياسيين في حماس يؤيدون وجهة نظر القسام في ذلك مثل محمود الزهار وموسى ابو مرزوق وصالح العاروري .
ينوه صديقي الحمساوي النافذ الى ان المكتب السياسي لديه ردا شافيا على تخوفات قيادات القسام حيث يرون ان دخل عناصر القسام المالي لن يتأثر لانه سيتم دمج معظمهم في الاجهزة الامنية الحمساوية وسيحافظون وفقا لذلك على مخصصاتهم ورواتبهم بالاضافة الى ان قدرة الاجهزة الامنية لديها سوف تتطور بهذا الدمج البشري والترساني .
يضيف صديقي الحمساوي انه وفي سياق البدء في تكريس خطة التفكيكية هذه ارسلت ايران عبر موسى ابو مرزوق وصالح العاروري الذي اجتمع مع قيادات ايرانية في لبنان على رأسها مساعد مجلس الشورى الايراني حسين أمير عبد الهيان قبل اقل من شهر رسالة مفادها رفض طهران لهذه الخطة بل ان ايران ستتوقف عن اي دعم مالي وسياسي للقسام وحماس اذا تم تطبيق هذه الخطة لان من سيستفيد من تفكيك القسام هم بعض العرب واسرائيل وليس حماس او فلسطين.
وفقا لصديقي الحمساوي فان الخلاف الداخلي الحمساوي حول موضوع تفكيك القسام سيأخذ منحى علني في الايام القادمة وقد نشهد نزاعا عسكريا بين قيادات القسام الرافضة للمشروع والقيادات السياسية المسيطرة على الاجهزة الامنية في غزة .
بكل الاحوال في حال تصاعدت حدة الخلاف لمستوى النزاع المسلح بين الفريقين فان شعبنا في غزة سيكون الضحية لان من سيدفع فاتورة هذا النزاع هم الموطنين العزل سيما وان قطاع غزة ما هو الا تجمعات سكانية مكتظة وليس فيه ساحات قتال معزولة عن المدنيين .
وبقى السؤال هل ستنجح خطة تفكيك القسام المدعومة من قوى اقليمية مهمة ونافذة في حماس ام انها ستفشل بفعل الرفض القسامي لها المدعوم ايضا من قوى اقليمية اخرى ؟؟؟ ..
بنظري ان المهم في موضوع تفكيك جهاز القسام هو ان الطرفين المؤيد والمعارض للفكرة لا يستند في مبرراته على حماية المقاومة ورسالتها وضرورة الحفاظ على سلاحها بل ان المهم عند الطرفين هو مصالحما التي من الممكن ان تتضرر او تتنامى على ظهر المواطن الغزي الذي يرزح تحت نير سيطرة قوة الامر الواقع وحكم الحديد والنار هناك ....بكل الاحوال لنننتظر القادم الصعب في غزة فعلى ما يبدو ان حماس بدأت تنهار من الداخل والله تعالى اعلى واعلم...