تعد منظومة الْمُثل والأخلاق الاجتماعية الركيزة الأساسية لتقدم الشعوب في شتى المجالات العلمية، والاقتصادية، والسياسية، وغيرها لانها تبني في داخل كل عنصر من عناصر المجتمع ما يسمى بالمراقبة الذاتية والتي تملي على كل فرد من افراد المجتمع القيام او الامتناع عن القيام بعمل ليس بسبب قوة القانون واجهزته المتمثّلة بقوات الأمن والمحاكم وغيرها، ولكن لما يحمله افراد ذلك المجتمع من قيم واخلاق ومبادئ واهداف مشتركة تتجلى صورها في المساواة في الحقوق والواجبات ليس من خلال ترديد تلك الشعارات فقط، ولكن من خلال تفعيلها بايجاد نظام توظيف يكفل لكل مواطن بأن لا يُسرق حقه من اجل توظيف او ترقية أبن معالية، او عطوفته او دولته.
المساواة التي تسعى اليها المنظومة الاجتماعية يكون فيها دراسات دقيقة مبنية على حسابات غاية في العدالة لمعدل حجم الرواتب نسبة وتناسباً مع ارتفاع تكاليف الحياة، العدالة من خلال قيام وزارة التنمية الاجتماعية بدورها وإيجاد حلول للمواطنين الأردنيين الذين يعيشون مع عوائلهم بدون مأوى، بل وصل الحد أن يسكن بعض المواطنين في الكهوف (المغر) او أن تقدم لهم المأوى امرأة من جنسية عربية وكأنها قد أخذت مكان الوزارات المعنية بهذا الشأن، وهذا والله قمة العيب على هكذا حكومات همها الأول والأخير هو ابتزاز الشعب وزيادة الضرائب اما تنفيذا لمطالب النقد الدولي، او لانها اسهل وسيلة لجلب النقود الى الخزينة ولو على حساب كرامة الأردنيين، ومن يريد الدليل على ذلك فهنالك حلقات تلفزيونية مسجلة عن تلك المآسي وما خفي اعظم.
إن ارتفاع معدلات الفقر في الاردن (معظم الموظفين في الأردن فقراء) مع الزيادات غير العادلة في الضرائب المباشرة وغير المباشرة على المواطنين خلق ما يسمى بانعدام الثقة بين المواطن والحكومة (السواد الأعظم من المواطنين يعتقد بأن مجلس النواب عبارة عن دمية بيد الحكومة) وبالتالي أصبحنا نقرأ على وسائل التواصل الاجتماعي الرفض لسياسات الحكومة والطعن في مصداقيتها او كونها تمثل الأردنيين او حتى تهتم بأمرهم، وعلى الجهة المقابلة نرى حكومة غير مهتمة لما يحدث، ونشاهد علامات الاستعلاء على وجوه أشخاصها اومن ينوب عنهم.
إن ما يحدث يعتبر أحد الإشارات التي يجب على الحكومة اخذها بعين الاعتبار والعمل على تغيير سياساتها التي تستهدف دائما جيب المواطن الغلبان، إن فرض الضرائب لن يؤثر فقط على حياة المواطن ويجعلها اكثر ألماً وحسرة، ولكن ستنحدر المنظومة الأخلاقية الاجتماعية اكثر مما هي عليه الان، وعلى سبيل المثال، لا يمكن أن يقوم أي مواطن بتقديم معاملة او طلب وتسهيل تقديمها بدون دفع رشوة لموظف او نادل يعمل في وزارة او مؤسسة او حتى بلدية، وأصبحت الرشوة ثقافة سائدة في مجتمعنا مثل سوريا ومصر، ومع كل ذلك فسياسات الحكومات المتعاقبة كانت السبب وراء هذا التردي الأخلاقي، لأن المواطن عندما لا تكفل له الحكومة الحياة الكريمة وتقوم دائما بفرض ضرائبها دائما على المواطن، فذلك يجعل المواطن يلجأ الى طرق ملتوية غير سليمة لتلبية حاجاته. وحتى لا تفهم مقالتي على شكل خاطئ فأنني لا التمس الاعذار لمن ساقتهم ظروفهم القاسية الى السقوط في براثن الجريمة، ولكني احمل الدولة المسؤلية كونها الراعية والمنفذة للسياسات التي تكفل الحياة الكريمة لجميع مواطينيها، ولا يخفى على احد مقدار ضيق الحال التي يعيشها الأردنيين.
من ناحية أخرى، أصبح هناك ظاهرتان في الأردن يجب على الحكومة التصدي لهما بحزم وحكمة، من خلال إعطاء البعد الأمني الداخلي خاصة فيما يتعلق بالبلطجية قوة وحزم، والثاني بأجراء دراسات مستفيضة للوقوف الانتحار وأسبابه، وإيجاد حلول له:
* أردني يقيم في استراليا