ها هي احجار الدومينو تتساقط في دول الساحل الافريقي وسط غرب افريقيا الواحدة تلو الاخرى، اذ تلحق الغابون بركب مالي وتشاد والنيجر وغينيا وبوركينافاسو وافريقيا الوسطى، ويعتبر هذا الانقلاب العسكري السابع في افريقيا، فالدول جميعها تلفظ استمرار الاستعمار الجديد القديم بوجود وكلاء له يقومون على خدمة مصالح تلك الدول الكبرى المستعمرة وخصوصا فرنسا الخاسر الاكبر في تلك التحولات.
الغابو حكمها عمر بونغو مذ العام 1967 مدة 42عاما، جاء من بعده ابنه علي الذي حكم منذ العام 2009، وحصل انقلاب عسكري فاشل في العام 2019، وقد غير علي بونغو الدستور ليعطي لنفسه فرصة للاستمرار مرة رابعة.
يعتمد الاقتصاد في الغابون على النفط اذ يصدر 80% من مجمل صادراته للعالم، والوضع الاقتصادي جيد والمستوى المعيشي عالي مقارنة بمعظم دول افريقيا الا ان الاستبداد والفساد لدى الطبقة الحاكمة واتباعها، اذ ان الفساد معمم ويصل حجم الدَين الخارجي الى7ر7 مليار دولار، اخذين بعين الاعتبار ان دولة الغابون ليست عضوا في مجموعة اكواس، وبكل الاحوال فان اسباب الانقلاب المعلن هي الاستبداد وحكم العائلة الواحدة والفساد، ورفض نتائج الانتخابات الرئاسية التي تفتقد للمصداقية والنزاهة.
اما بقية دول الساحل مثل النيجر فسوء الاحوال الاقتصادية وتدني المستوى المعيشي وازدياد معدلات البطالة والفقر هي السائدة، اذ ان هناك فساد مالي كبير اذ الطبقة الحاكمة تستولي على الموارد الطبيعية وعوائد شركات التنجيم في مناجم اليورانيوم والذهب وغيرها من المعادن، ان الملاحظة الهامة في هذا السياق هو ان المؤسسة العسكرية هي التي تقود الانقلابات واحداث التغيير وتلقي تأييد شعبي عارم لنفض غبار الاستعمار الجاثم على صدور اهل البلاد وخصوصا الفرنسي منه، ولفظ الانتخابات الشكلية والمشكوك فيها.
ان هذه التغييرات الجيوسياسية في المنطقة يعود للصراع الحاصل بين الغرب والشرق، وخصوصا الصراع بين الولايات المتحدة، وبعض الدول الاوروبية وخصوصا فرنسا مع الصين من جهة وروسيا الاتحادية من جهة اخرى.
تمتلك الصين وروسيا الاتحادية مشاريع اقتصادية كبرى في تلك الدول، وهذا بحد ذاته ينظر له برفض الاحادية القطبية في النظام الدولي، كذلك رفض استمرارية الهيمنة الغربية على الموارد الطبيعية والسياسية في كل ارجاء وسط غرب افريقيا ودول الساحل.
وباعتقادنا ان وجود قوات فاغنر الروسية في معظم هذه الدول له بالغ الاثر في حدوث هذه الانقلابات والادوار التي تقوم بها كل من روسيا والصين كبديل للغرب الملفوظ، ويبدو ان المنطقة قادمة على تغييرات في العديد من النظم القائمة، وهناك تغييرات على المستوى الجيوسياسي، ان الصحوة التي يقودها العديد من الشباب بالمؤسسات العسكرية ينذر بمزيد من التحولات وهذه لن تقف عند حد معين فهناك دول اخرى مرشحة لحصول تحولات جذرية فيها، ان حالة الغضب من الغرب وسياساته تدفع لملء الفراغ م قبل دول غير استعمارية تاريخياًمثل الصين وروسيا الاتحادية، وهذا بحد ذاته يدخل في مسار الصراعات القائمة بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا الاتحادية والصين.