تمر من جديد ذكرى اغتيال الملك المؤسس الشهيد عبدالله الأول ابن الحسين، والتي كانت في العشرين من تموز عام 1951م، وبعض الأسئلة ما زالت عالقة، وتبحث عن اجابات حول استشهاد الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، مؤسس الدولة الأردنية.
فأسئلة مثل: لماذا قتل الملك عبدالله الأول؟ ومن هي الجهة التي أصدرت قرار اغتياله على باب المسجد الأقصى؟ وهل كان التوقيت مقصوداً؟ أم كان عفوياً؟ ومن المستفيد من هذه الجريمة؟ وسواها من الأسئلة مدار تساؤل الباحث في التاريخ الأردني.
ومطالعة سجلات المحكمة العسكرية التي شكلت للتحقيق، تشير إلى أنها اكتفت بمحاكمة الأشخاص الذين تم القاء القبض عليهم، من خلال الأدوات التي تم العثور عليها، دون البحث والكشف عن الجهات التي مولت والتي اتخذت قرار الاغتيال.
والملف وأن اغلقتة المحكمة العسكرية إلا أنه ما زال مفتوحاً لدى الباحثين والمهتمين، وما زال حكم التاريخ معلقاً على هذا الحدث التاريخي السياسي الهام.
فحادثة اغتيال الملك الشهيد، تعد من أغرب الحوادث على مستوى الاقليم، كما أن عملية تشييع الجثمان ما زالت مثاراً للتساؤل من قبل الباحثين، حيث كانت أقصر جنازة حملت ولمسافة مئة متر، واقتصرت على الجانب الرسمي.
وتأمل الأشخاص الذين نفذوا عملية الاغتيال والبحث في أسمائهم ومهنهم يشير إلى أنه لا رابط بينهم، فمنهم المثقف والتاجر وراعي الأغنام والجزار والحداد وعامل الخياطة، وهنا نتساءل: كيف اجتمعوا واتحدوا واتفقوا على القيام بمثل هذا العمل.
إن الغموض يبقى مسيطراً على هذه الجريمة البشعة، ومحاولة فكفكة خيوط هذه القضية مدار البحث من خلال الوثائق المتعلقة بها، يستدعي جهداً أكبر.
ويقول ناصر الدين النشاشيبي، والذي كان يعمل بالتشريفات الملكية زمن المغفور له الملك عبدالله الأول، لقد حاولت أن أعرف تاريخ موسى الحسيني السري وهو المتهم الرئيسي بالاطلاع على ملفه السري الذي يحتوي على تقارير وزارة الخارجية والمخابرات البريطانية بعد مرور ثلاثين سنة عليها.
ولكن، محاولته تبوء بالفشل، فالحكومة البريطانية أعادت غلقها لفترة أخرى لا تقل عن خمسة وسبعين سنة، كما أن ملف شخصية أخرى أردنية ورد ذكرها في الحادثة كانت محل أمر رسمي من الخارجية البريطانية بابقائها مغلقة لمدة خمسة وسبعين سنة أخرى، أيضاً.
هل علينا أن ننتظر إلى عام 2055 ميلادي للاطلاع على الوثائق السرية المحفوظة لدى الحكومة البريطانية للاجابة على الأسئلة الحائرة لدى الباحثين والمؤرخين؟.
وتبقى نتيجة هذه الجريمة المباشرة والدافع للقيام بها ثابتة، فيما كان يردده المغفور له الملك الشهيد، فقد كان يقول لأحرار العرب: «الأردن وطنكم وأنتم وأهله أهلكم وما أنا إلا رجل حجازي ابطحي أخدم العرب وأضحي في سبيلهم بنفسي انتسابي إلى آل البيت، هو الذي الذي يحفزني للعمل دون تفريق، إنني لن أهدأ ولن استريح حتى أحقق وحدة هذا البلد وإخوانه في الديار الشامية ومن ثم بعدها العراق».
ويتابع قائلاً (طيب الله ثراه) «واخشى أن أموت قبل أن أؤدي هذه الأمانة».
إن المشاريع الوحدوية، وتمسك الملك الشهيد بها، وايمانه بقوميته العروبية، وطرحه لحلول تشابه المنطقة وناسها، وتتسق مع أحلام شعوبها، وسعيه لأجل ذلك على الجهات كافة، كان نتيجة استفاد منها من كان يسعى للتآمر على الأمة، وهذا ما تثبته لليوم أحداث التاريخ، فالشهيد الملك المؤسس صاغ حضورا استثنائيا، وهو رجل ينتمي إلى جيل عروبي أسس بذكاء للحضور العربي دوليا.
رحم الله شهيد القدس والوحدة العربية..