مدار الساعة - قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إنه على الرغم من فقدان تنظيم "داعش" نصف مساحات الأراضي التي كان يسيطر عليها في كل من العراق وسوريا؛ فإنه ما زال قادراً على تحريك أتباعه من خلال ما ينشر على مواقع الإنترنت.
وأشارت الصحيفة إلى ما نشره التنظيم قبل نحو أسبوع من هجوم برشلونة الأخير، في مجلته التي يصدرها عبر الإنترنت، والتي تضمّنت مقالاً مصوّراً بشأن الشاحنة الأفضل التي يجب اقتناؤها لشنّ أي هجوم للدعس.
وجاء في المقال أن الشاحنة المثالية يجب أن تكون كبيرة الحجم وثقيلة الوزن مع هيكل مرتفع يمكن أن يزيل القيود والحواجز، وأن تكون سريعة؛ وذلك لضمان إيقاع أكبر عدد ممكن من القتلى.
صحيح أنه لا يُعرف إلى الآن هل اطّلع منفّذو هجوم برشلونة على هذا المقال أم لا، ولكنهم على ما يبدو يلتزمون بتعليمات التنظيم ويأخذون بنصائحه، كما تعتقد الصحيفة.
وتشير إلى أن التحقيقات بشأن هجوم برشلونة الأخير أشار إلى أن أحد المشتبه بهم سعى لاستئجار شاحنة كبيرة وثقيلة، إلا أنه بسبب عدم وجود رخصة قيادة شاحنات لديه اضطرّ إلى استئجار شاحنة "أقل حجماً"، وهي مخصصة لنقل البضائع، قبل أن يتوجّه بها مع آخرين إلى ساحة مزدحمة بالمارّة، وهو على ما يبدو تنفيذ حرفيّ لما تضمّنه مقال المجلة الخاصة بالتنظيم.
وإلى الآن تحاول السلطات الإسبانية التأكّد من احتمال وقوف تنظيم "داعش" وراء العملية الأخيرة، والتي أعلن عن تبنّيه لها، حيث يؤكد خبراء في مجال الإرهاب أن الدعاية الخاصة بتنظيم "داعش" ما زالت صالحة للتطبيق، خاصة تلك التي تتعلق في كيفية قتل أكبر عدد من الناس.
وتشير "واشنطن بوست" إلى أنه على الرغم من أن تنظيم "داعش" فقد أكثر من نصف ملاذاته في العراق وسوريا، فإن وجود التنظيم على الإنترنت ما زال مؤثراً وقوياً بشكل مذهل.
ففي الأسابيع التي سبقت هجوم برشلونة، أصدر التنظيم 12 مقطعاً مصوراً جديداً، بالإضافة إلى مقال يومي على الإنترنت، كلها كانت تهدف لحشد المتعاطفين مع التنظيم لشنّ هجمات حول العالم، وكانت بعض تلك المقالات صريحة وهي تتحدّث عن ضرورة استخدام الشاحنات وتحويلها إلى أسلحة.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن هجوم برشلونة الأخير يؤكد مجدداً أن تنظيم "داعش" ليس مجرد أرض، وإنما هو شبكة افتراضية تسكن مساحات شاسعة من التضاريس السيبرانية، التي تتناسب تماماً مع المساحات التي يحتفظ بها التنظيم في كل من سوريا والعراق.
وترى ريتا كاتز، المختصة بمراقبة مواقع التنظيمات المسلحة، أنه لا يمكن القول إن "داعش" سيخسر معركته بمجرد خسارة أراضيه في سوريا والعراق. العالم لا يمكن أن ينتصر في معركته عليه ما لم يتم إغلاق كافة مواقعه الدعائية على الإنترنت.
وكان تنظيم "داعش" قد أعلن مسؤوليته عن الهجمات التي وقعت في برشلونة، حيث أكد في بيان له أن "مقاتلي التنظيم تمكّنوا من قتل ما لا يقلّ عن 14 شخصاً في هجمات منفصلة ببرشلونة ومدينة كامبريلس".
وسعى التنظيم خلال الفترة الماضية إلى التركيز على الذئاب المنفردة، والذين في الغالب لا يتلقّون إلا قليلاً من الدعم العملي.
التنظيم وعبر دعاياته التي ينشرها على الإنترنت، حثّ مناصريه على تنفيذ مزيد من الهجمات "بدون الحاجة للسفر، بل مجرد اختيار أي مدينة رئيسية قريبة منك ويوجد فيها سياح، ما عليك سوى اختيار السلاح المناسب والتنفيذ"، كما جاء في دعايات التنظيم ونصائحه لأتباعه.
وتنقل الصحيفة عن مختصين في مجال الإرهاب أن المواقع الدعائية التابعة للتنظيم على الإنترنت انخفضت عقب سيطرة القوات العراقية على معاقل التنظيم في الفلوجة وتكريت والموصل، من 40 موقعاً إلى 19 موقعاً.
ولكن حتى مع تضاؤل العدد، فإن الذراع الإعلامية للتنظيم ما زالت غزيرة الإنتاج، فهي تنتج نحو 20 منتجاً إعلامياً خلال اليوم الواحد.
ويرى خبراء أن رسائل التنظيم قد تحوّلت خلال الأشهر الأخيرة وتغيّر خطابها، ما يعكس طبيعة الظروف المتغيّرة التي تحيط بالتنظيم، فمن خطاب كان يدعو إلى أرض الخلافة والترويج للحياة فيها، إلى خطاب صار يركّز كثيراً على مهاجمة المدن الغربيّة، وهو أمر يبدو أنه سيستمرّ خلال المرحلة المقبلة. (الخليج اونلاين)