انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة شهادة جاهات واعراس الموقف مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

ثقافة الفساد الأكبر والأصغر

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/01 الساعة 12:25
حجم الخط

هشام الخلايلة
لا يزال الاْردن يعاني من الفساد شأنه شأن معظم دول العالم، ولكن مشكلتنا في الاْردن أن جميع افراد الشعب شركاء في الفساد بشكل مباشر، وأحيانا اخرى بشكل غير مباشر.

اصبح للفساد في الاْردن ثقافة لها مقوماتها حيث كان لتغير كثير من المفاهيم في حياة الاردنيين الدور الحاسم في جعل الفساد مقبولاً في المنظومة الاخلاقية التي يعيشها الاردنيون ويجنون ثمارها كل يوم سواء كانت حلوه او مرة، لكن الذي يجعل الاردنيين يتأففون في بعض الأحيان من حجم الفساد هو لان الفساد قد تخطى جميع الخطوط الحمراء والزرقاء والصفراء، ولم يعد الفساد عاملاً مساعداً او موافقاً لرغباتهم او ملبياً لحاجاتهم. وعلى سبيل المثال، من اكبر وسائل الفساد التي يستخدمها معظم الاردنيين هي (الواسطة) حيث لا تكاد تخلو معاملة او طلب او حتى التقدم للحصول على عمل أن يتم بدون تدخل شخصية ذات مركز او صلات اجتماعية قوية لضمان حصول (طالب الواسطة) على مطلبه.
اجتماعياً، الواسطة مقبولة ومباركة من جميع الاردنيين، ولو كان فيها اعتداء على حق مواطن اخر بالحصول على وظيفة او تسهيل معاملة غير موافقة للقانون، او حتى نقل موظف من مكان الى اخر ناهيك عن الفساد المتعلق بالواسطة من الولائم والهدايا وفي حالات اخرى نقود تقدم كهدية بوعد نجاح الواسطة. إذاً فلا يحق لمن يستفيد من الفساد الأصغر أن يطالب بمكافحة الفساد الأكبر لانه سيكون في هذه الحالة منافقاً يستبيح ويستحلل الفساد فقط عندما يكون في خدمته، وهذا قمة النفاق.
حدثني احد الأصدقاء عن حالة فساد في احدى الشركات الكبرى والتي تعاني من خسائر متتالية حيث انه قال لي أن المدير الجديد لتلك الشركة قام بتغيير اتفاقية استيراد مادة تستخدم في منتجات الشركة من الاستيراد المباشر الى إيجاد ناقل بحري وسيط بدل الاستيراد مباشرةً من الدولة للتوفير في النفقات، ولكن صديقي هذا اخبرني بأن تكلفة الاستيراد زادت الى ٥٥ مليون دينار سنوياً. فما العمل؟ وأين المراقبة؟ وبالمناسبة كثير من الاردنيين يعلمون بذلك ولكن احيانا تعجز الرقابة عن القيام باي شئ خاصة اذا ما كان ذلك المدير مدعوم من فوق كما قال لي صديقي.

فهل بعد الذي أسلفناه سابقا والذي يعلمه كل أردني، هل هناك اي شك بأننا كأردنيين شركاء في الفساد؟ وهل هناك دعوات صادقة لمكافحة الفساد قبل البدء بأنفسنا أولاً ومن بعد ذلك نتجه الى مكافحة الحيتان الذين سرقوا البلاد والعباد فاكثروا فيها الفساد. ربما تكون كلماتي هذه صرخة حقيقية في وجه الفساد الذي اضحى جزء من حياتنا ولا بد لنا من الوقوف في وجه.

*خبير فُض نزاعات/ استراليا

مدار الساعة ـ نشر في 2017/01/01 الساعة 12:25