مدار الساعة - الخبير الإستراتيجي في مجال السياسة والإقتصاد والتكنولوجيا م.مهند عباس حدادين
يشهد العالم الآن توترات عسكرية بين روسيا من جهة وكل من بريطانيا والولايات المتحدة الحليفين الأقوى لإوكرانيا في الحرب الروسية - الأوكرانية, حيث آلت الأمور إلى تهديد مباشر بينهم, كان ذلك في ظل زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى روسيا ولقائه بالرئيس الروسي بوتين , بزيارة وُصفت من الجانب الصيني بأنها تحمل مبادرة سلام لعرضها على طرفي النزاع الروسي والأوكراني ,ولمناقشة القضايا الإقليمية والدولية وتعزيز التبادل التجاري بين روسيا والصين للفترة القادمة, في حين وصف الجانب الغربي الزيارة بأنها توثيق للتحالف العسكري بين البلدين وإمكانية دعم الصين لروسيا في هذه الحرب بتزويدهم بالطائرات المُسيرة وبتكنولوجيا الرقائق الإلكترونية لصناعة الصواريخ الموجهة وغيرها من الدعم اللوجستي والعسكري.
إن ما يدور الآن من أحداث عالمية تزامن مع زيارة الرئيس الصيني لروسيا بدأً من إستصدار قرار من محكمة الجنايات في لاهاي بالقبض على الرئيس الروسي تمهيداً لمحاكمته كمجرم حرب, وبعدها الوضع الخطير والذي قد يؤدي إلى حرب نووية وهو التوجه البريطاني لتزويد الأوكرانيين بالذخائر الخارقة للدروع والتي تحتوي على اليورانيوم المنضب التي تعتبر أسلحة ذات مكون نووي, وعلى الفور هدد الرئيس الروسي ووزير دفاعه ووزير خارجيته , وقالوا إن حصل ذلك التصعيد الخطير فإننا سنتدخل ضمن العقيدة العسكرية النووية , في حين قال وزير خارجية بريطانيا كليفرلي بأنه لا يوجد تصعيد نووي, وتزامن ذلك بدفع الولايات المتحدة مزيداً من الطائرات المُسيرة التجسسية في البحر الأسود وبالقرب من جزيرة القرم بعد الحادثة الإسبوع الماضي لطائرة مسيرة أمريكية, حيث صرح المسؤولون الروس : " أن قرار واشنطن بإستمرارتحليق المسيرات يدفعنا لإتخاذ إجراءات مواجهة", في حين قال المسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة :"سنستمر بإرسال طائراتنا المسيرة وضمن المجال الجوي الدولي في البحر الأسود". إضافة على ذلك ما قالته وزارة الدفاع الروسية بأنها أطلقت مقاتلة روسية من طراز سوخوي-35 فوق بحر البلطيق بعد رصد طائرتين إستراتيجيتين أمريكيتين تحلقان بإتجاه الحدود الروسية لكنها غادرتا بعد ذلك.
ليس هذا فحسب بل هناك مناورات في شبه الجزيرة الكورية وعلى مقربة من الصين , تلك المناورات التي تشارك بها الولايات المتحدة مع حلفائها الآسيويين وبالذات كوريا الجنوبية والتي توصف بالأضخم منذ خمس سنوات, جاءت تلك المناورات رداً على إطلاق كوريا الشمالية صاروخا باليستياً ,وستقوم الولايات المتحدة أيضاً بنشر قاذفات إستراتيجية على أراضي كوريا الجنوبية.
إن قراءة هذه التوترات العسكرية الحالية بتعمق وإن كانت رسالة غربية لكل من روسيا والصين للضغط عليهما من أجل تقديم تنازلات كبيرة أبعد ما جاء في المبادرة الصينية ذات ال12 نقطة, لكن على الجانب الآخر أصبح خطورة الوضع العسكري بين حلف الناتو وكل من روسيا والصين ما يؤدي إلى عدم السيطرة على هذه المجريات وإنجرارها إلى مواجهة مباشرة قد تؤدي إلى حرب نووية,وأشبهها بالبهلواني الذي يلعب بثلاثة سكاكين بآن واحد ويقذف بهم بالهواء بتواتر وبفاصل زمني بينهم,وإن أي خطأ ولو بسيط بسيط بالتقدير سيؤدي إلى إيذائه, فهناك وسائل أخرى أقل خطورة يمكن أن تُفضي إلى الجلوس على طاولة المفاوضات, وهو البحث عن جذور المشكلة ومسبباتها والعمل على معالجتها بكل موضوعية لايكون فيها غالباً أو مغلوباً .
لكن السؤال الذي بحاجة إلى الإجابة :هل المشكلة الإقتصادية في الغرب وما تعانيه البنوك الغربية في الولايات المتحدة وأوروبا من إفلاسات وتداعيات لبنوك أخرى قد تُطيح بهذه الإقتصادات , قد تؤدي إلى الدفع بحرب عالمية ثالثة تخلط جميع هذه الأوراق؟