وزير صهيوني يعرض خارطة الأردن وفلسطين باعتبارها أرض إسرائيل الكبرى، ووزارة الخارجية الأردنية تدين وتستنكر هذا الفعل الشائن ، ونحن بدورنا حذرنا ونحذر من سياسات الحكومات المتعاقبة في الكيان الصهيوني العنصري والمستبد، وقلنا عند انتهاء فرز صناديق الانتخابات الاسرائلية وتفوق الليكود و المعسكر الصهيوني اليميني المتطرف حاصلا على الأغلبية فإنه أصبح من المؤكد أن نتنياهو اليميني وحكومة الكيان الصهيوني ستبدأ في ممارسات أساسها العنف والتصعيد لنبدأ بعدها نداءات مطالب السلام وهم في تحقيق مراوغ لشعار مفاوضات الى الأبد، وسنمر بمرحلة جديدة متجددة من الاستيطان والتهويد والتهديد الاقليمي من عدو بغيض، وهنا للمراهنيين او الحالمين بفشل نتنياهو في تشكيل ائتلاف حاكم قوي متماسك او من لديهم امل أن في المجتمع الصهيوني لا زال هناك رواد سلام أقول لهم من المتوقع أنَ تتبع الحكومة الصهيونية اليمينية خطة صهيونية ملتوية لتغيير البنية القومية لكل الأرض العربية الفلسطينية، وذلك عبر التهجير والطرد ، وشراء الأراضي، وإفقار الفلسطينيين ،وسلبهم حق المياه والأرض ومنع الزراعة وغيرها من الأساليب ،سواء أكانت قمعية أو غير قمعية، ففي الآونة الأخيرة لجأ الصهاينة إلى خطوط أخرى من قبيل تقطيع الأرض وتهويدها وفصلها بالجدار الذي أكل عشرات الهكتارات، فالمسألة تتعلق بمشروع سياسي صهيوني ، وليس بنوايا صادرة من هذا الشخص أو ذاك، لكنه يشكل مؤشر أساسي لوجهة حكومة نتنياهو القادمة، فالمبادئ الرئيسية التي عرضها نتنياهو وشكل الحكومة على أساسها تحدثت بشكل أساسي عن رفض الانسحاب إلى حدود ما قبل الرابع من حزيران، بل قالها صراحة لا دوله فلسطينية في عهد حكوماتي وهذا ما انتخبه عليه جمهور الصهاينة ، وكذلك رفض تقسيم القدس، مقابل تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، وتكثيفه على نحو خاص في محيط القدس المحتلة لخلق طوق من المستوطنات يمنع أي تواصل جغرافي فلسطيني بين أحياء بيت حنينا وشعفاط شمالي القدس وبين القدس الشرقية، وضمان بقاء مستوطنات كبيرة مثل معاليه أدوميم تحت السيادة الصهيونية،ليؤكد ذلك بامتياز إن الحكومة الصهيونية حكومة تهجير قسري للفلسطينيين،مع حملة دعاية من نتنياهو، وهو المعروف بخبرته في مجال الدعاية والعلاقات الخارجية، منذ أنْ كان مندوب الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة، بالتركيز على التزام حكومته باحترام الاتفاقيات السابقة المبرمة مع أطراف أخرى، وهو يرى، ويشاطره الرأي في ذلك، زعماء اليمين، أنه لا يوجد في الوقت الراهن شريك فلسطيني يمكن التوصل معه إلى اتفاق للحل الدائم، وبالتالي فإن المفاوضات مع الجانب الفلسطيني لن تكون بالضرورة من أجل التوصل إلى حل دائم وثابت، أو على الأقل ليس قبل القضاء على سلطة حماس في غزة.
ويتفق معظم زعماء اليمين مع نتنياهو على أن المرحلة القادمة، والمهمة الأساسية للحكومة يجب أن تتركز في إدارة الصراع مقابل الفلسطينيين دون خسارة صداقة بعض الدول العربية من جهة، والتشديد على الملف الإيراني مع توظيف النزاع والقلق في الخليج العربي من تعاظم قوة إيران، لصالح تجنيد تأييد دولي للموقف الصهيوني، لا سيما على ضوء بوادر الحوار والانفتاح الأميركي على إيران.
ونحن لا نقول أنَ هناك فرقاً بين الأحزاب الصهيونية في التعامل مع القضايا ذات الصلة بالصراع العربي الصهيوني ،ولكن الحكومة الصهيونية الحالية والقادمة لا تخفي مطلقاً ولعها بتصفية المقاومة ، وهو الولع العنصري الذي يجمع معظم الصهاينة ، فالبرنامج الصهيوني بيساره ويمينه قائم على ترسيخ الاحتلال والقمع وتوسيع الاستيطان في مواجهة المطلب الفلسطيني الأساسي والعادل وهو إلغاء الاحتلال،وهذا لن يترك أي مجال للتفكير بأفضلية ما هو قادم،فإذا كان الوسط واليسار الصهيوني كما يصنفه البعض لا يرغب في دفع ثمن التهدئة, من حيث كسر الحصار, و فتح المعابر, و إدخال السلع و المواد الأولية لإعادة تعمير ما دمرته آلة الموت الصهيوني في قطاع غزة, فهل سيرغب اليمين في ذلك وهو المتعطش للدم وحكومته تضم ائتلاف صهيوني يميني متطرف يعارضون التنازل عن أي أراض للفلسطينيين،وتحت شعارات لا تسليم أراضي ولا حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين.
وبالتالي فإنَّ نتنياهو يقود حكومة تتبنى برنامج صهيوني خلاصته:
1. عدم الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين.
2. عدم الانسحاب من القدس الشرقية، وخصوصًا منطقة البلدة القديمة، ضمن مبدأ عدم الانسحاب إلى حدود الرابع من يونيو من العام 1967م؛ لأسباب دينية وأمنية.
3. تفجير الصراع مع ايران.
4. الاستيلاء على بعض أراضي الضفة الغربية، وهو أمرٌ شديد الوضوح من خلال مسارات بناء الجدار العنصري العازل، مع بقاء التهديد النووي الصهيوني قائماً.
5. تأجيج الصراعات والحروب الاهلية في العالم العربي لاستنزافها مادياً وسياسياً وعسكرياً.
لقد اتضح للجميع عبر سنين من التفاوض العبثي أن الحكومات الصهيونية المتعاقبة بيمينها ويسارها ووسطها لا تريد السلام، وليس لديها أي برنامج لتحقيق سلام في المنطقة، وقد هدفت من حروبها إلى إنشاء وقائع جديدة على الأرض لفرض مفهومها عن السلام ، من خلال مجموعة من الشروط التعجيزية الرامية إلى إخضاع الشعب الفلسطيني وإرغامه على القبول بالاحتلال .
لذلك فان كل فعل مقاوم ، فعل مهم سواء أكان شانه صغيراً أو كبيراً في إطار العمل الجماهيري المنظم يمثل شكلا من أشكال المقاومة للاحتلال ، وتراكمات هذه الأفعال هي التي تؤدي إلى التحرير وطرد الاحتلال ،لأنه وحتى يقام السلام على الحق فلا بد وان يكون من خلال مسيرة نضالية وكفاحية جماهيرية واسعة ، أي من خلال المقاومة الحقيقية في كافة الميادين، فمهما طال الزمن، ومهما تعددت المحاولات، وطال الزمن، سيظل الناس يقاومون الظلم بكل سبيل متاح، إلا أن تختلط المعاني فيرى الناس الظلم عدلا، والعدوان حقا، والاحتلال تحريراً، وهدم القيم حضارة وتقدما، ودفع الظلم إرهابا وتخلفا،فالسلام الذي لا يقام على الحق والعدل لا يثبت، وقيمة الحق أكبر من قيمة السلام المجرد،وانتظار السلام من الكيان الصهيوني حلم بعيد المنال بحكم الواقع والمنطق .