أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

تريدون إعلاماً؟ أنقذوه أولاً!

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

الذين يطالبون الاعلام الأردني لكي يقوم بواجباته في الدفاع عن الدولة وتعزيز قيمها وحضورها لابدّ ان يسألوا أنفسهم عن المصير الذي انتهى اليه هذا الاعلام بعد ان تم تهميشه وإهماله او تحويله الى بضاعة “تحت” الطلب.

الاعلام الأردني اليوم يبدو في “اسوأ” حالاته يا سادة، فقد أشرفت الصحف الورقية على الإفلاس والإغلاق، وما يزال الاعلام الرسمي “مقهوراً” في إطار “الرعب” الذي أشار اليه أحد رؤساء الوزارات السابقين، وحين كنا ندب الصوت لإنقاذ هذا الذراع القوي للدولة فاننا لا نسمع الاّ أصداء اصواتنا، فيما يتحجج المسؤولون بأعذار لا قيمة لها، وكأن المطلوب هو كسر أقلام الدولة واخفاء صوتها وتركها وحيدة في عالم تحول فيه الإعلام الى قوة ناعمة يحسب لها ألف حساب.

كيف يمكن للصحفي ان يقوم بواجبه وهو ما زال ينتظر من عاميين راتب آخر الشهر الذي لم يأت بعد، كيف يمكن لصحيفة ان تحتشد خلف الدولة وهي مهددة بقطع “الكهرباء” بعد ان تراكمت عليها الفواتير، كيف يمكن للإعلامي ان يبدع وهو محكوم “باعتبارات” تجعله مرتبكاً عند اختيار قضية او إثارة موضوع او استقدام ضيف.

لا يوجد دولة في العالم تخلت عن أذرعها الإعلامية، وتنكرت لصحافييها مثلما فعلنا، لا يوجد حكومة ادارت ظهرها لمطالب صحفها التي تمتلك معظم أسهمها مثلما فعلت حكوماتنا، هذه هي الحقيقة المرّة التي تعيشها صحف مثل الرأي والدستور، أعرق واقدم صحيفتين في بلدنا، فعلى مدى أكثر من ثلاثة أعوام و”الدستور” تعاني من ازمة مالية خانقة، وتنتظر ان تتدخل الحكومات لمساعدتها، ليس من باب المنة وانما من باب الحق والواجب، حقها في اعفائها من الضرائب على الورق وحقها في تسعير حكومي عادل للإعلانات والاشتراكات، وحقها في الاعفاء من الرسوم والمخالفات وحقها في أسعار معقولة للكهرباء تماما كما يحصل على ذلك “المستثمرون” الذي ترفع الحكومات شعار “تشجيعهم”، لكن ذلك للأسف لم يحدث حتى الآن.

تريدون ان تكون الصحافة في خدمة البلد، هذا واجبها بالطبع، لكن الا تحتاج الصحافة التي تمر في أسوأ ايامها الى الدعم، أسوة بغيرها من مؤسسات الدولة التي يتم دعمها بسخاء، الاّ يحتاج الصحفي الذي تحمل وصبر لمدة عامين وهو يعمل بلا راتب ان يطمئن الى قدرة مؤسسته على الوقوف والاستمرار لكي يعيش مثل باقي خلق الله، ويعطي مثل أي موظف في الدولة.

ارجوكم قبل ان توجهوا سهامكم للصحافة، وقبل ان تحملوها وزر التقصير ومسؤولية الضعف دققوا في الصورة جيداً، فالصحف التي كانت ذات عصر قوة ضاربة للدفاع عن الدولة توشك ان تلفظ انفاسها الأخيرة، والاعلاميون الذين ينتظرون ساعة “التقاعد” للجلوس على الرصيف يشعرون بالخيبة والخذلان.

اعرف ان صرخة الصحفيين لن يسمعها أحد، ولكن لابد ان نبرئ ذمتنا أمام التاريخ والناس وأمام من يهمه الأمر، فهذا الوطن يستحق منا ان نكون صريحين إذا كنا جادين في خدمته...أما الذين يغريهم “دفن” الصحافة بحجة بزوع نجم الاعلام الجديد فنقول لهم: هذا الإعلام الجديد لا يحفظ ذاكرة وطن، ولا يحمل قيم دولة..

الدستور

مدار الساعة ـ