لقد سررت عندما أُعلمت من قبل أحدى الشركات الشريكة لنا في إسبانيا EDIBON بأن المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي والذي تعمل عليه جامعة MONS في بلجيكيا سيرى النور قريباً خلال الأشهر القادمة.
لقد تم رصد مبلغ 11.1 مليون يورو منها 9.9 مليون يورو مساهمة من الاتحاد الأوروبي H2020 لتمويل هذا المشروع والذي جمع 14 شريكاً من 8 دول، سيتم عمل 3 نماذج Pilot units لتجريبه في منشآت صناعية تجارية كمرحله نهائية , من قبل الشركة الشريكة لنا في ثلاثة دول أوروبية هي النيرويج) (TCM-Mongstad وفرنسا ( SOLAMAT – Marseille ) وتركيا (TUPRAS –Izmit ) لدراسة مدى نجاعته وتحقيقه للأهداف التي موّل من أجلها. المشروع الذي إجتمع قادة العالم من أجله في قمة المناخ COP27 في شرم الشيخ في مصر , ولم نر حلولاً فنية لتقليل الإنبعاثات من المصانع التي تطلق الغاز السام ثاني أوكسيد الكربون CO2 والذي سيعمل خلال العقدين القادمين إلى رفع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية.ببساطة هو مشروع ريادي مفيد لإنقاذ البشرية من التغير المناخي لما تسببه الإنبعاثات الضارة يدعى MOF4AIR (Metal Organic Frameworks for Carbon dioxide Adsorption) الذي يقوم بإمتصاص غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي ينتجه مصانع توليد الطاقة والصناعات المختلفة بإستخدام تكنولوجيا Vacuum Pressure Swing Adsorption (VPSA) وهنا لا أريد الخوض في التفاصيل الفنية.وهذا المشروع بعد نجاحه في إختبار النماذج الثلاث سيتم تعميمه عالمياً ليتم الإستفادة منه في تقليل الإنبعاثات بطريقة فعّالة ستكون نتائجها ملموسة https://www.mof4air.eu/بعد كل هذا الشرح لهذا المشروع الريادي العالمي , سأسرد قصة أخرى , لأقوم بعدها بإيضاح مغزى هذه المقالة التي كتبتها. أثناء سفري إلى ألمانيا إلتقيت بالمطار بنشمية أردنية تعمل في مدينة ميونخ , تدعى هبة غانم , هذه النشمية درست في الجامعة الأردنية تخصص الهندسة الكهربائية, وتخرجت الأولى على دفعتها بمعدل تراكمي 3.96/4.0 وبإعتقادي كان رقماً قياسياً 99% لم يحققه أحد من قبل, وقالت لي لم أجد الفرصة المناسبة لأشتغل في بلدي الأردن كما أريد أُكافىء بوظيفة تناسب ما حصلت عليه وأجتهدت وتعبت في دراستي منذ صغري , فقد راسلت الشركات في الخارج وحصلت على مبتغاي. فهي تعمل الآن بشركة Apple العالمية في ألمانيا ضمن مشروع تطويري يصل قيمته مليار يورو, وهنا سأتوقف لعرض وجه نظري. نسمع في بلدنا العزيز يومياً عن الريادة والتميّز, وعقد مؤتمرات وندوات داخلية, وسفرات للخارج للمشاركة بإجتماعات ومؤتمرات خاصة بذلك , وخطط إستشرافية من وزاراتنا ومؤسساتنا الحكومية, للأسف كل ذلك لم يقودنا إلى أي نتيجة أو على الأقل للبدء بوضع الأسس الصحيحة للسير بمشوار التميّز والإبداع الذي نحن الآن بأمس الحاجة إليه قبل أي وقت مضى ,لإنقاذ الإقتصاد وعمل المشاريع الضخمة التي تشغل الذين يطلبون الوظائف. فعلينا واجب ومسؤوليات جميعاً من قطاع عام وخاص ,حيث أكتسحت الشركات التكنولوجية الإقتصاد العالمي وحصدت الحصة الأكبر وزادت من الناتج القومي الإجمالي للدول المتحضرة وأنقذت اقتصاداتها وقللت نسب البطالة فيها, فقد سجلت أبرز 5 شركات أمريكية مجتمعة وهي أبل ومايكروسوفت وألفابيت المالكة لشركة غوغل وأمازون وميتا بلاتفورم المالكة لفيسبوك أرباحاً لعام 2021 تقدر 2450 مليار دولار كانت إضافة على قيمتها السوقية , علماً أن الناتج الإجمالي العالمي لعام 2021 بلغ 94000 مليار دولار , إن الحلول للوصول الى ما وصلت اليه الدول المتقدمة في هذا المجال يكمن بالخطوات التالية:1) إستحداث دائرة أو مؤسسة مستقلة تدعى "الريادة والإبتكار والتطوير" وفصلها عن وزارة الإقتصاد الرقمي والريادة, مهامها أن تكون على إتصال كامل وتنسيق مباشر مع وزارة الاقتصاد الرقمي بعد تعديل إسمها ومع وزارة التجارة والصناعة ووزارة الإستثمار ووزارة التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العملي ومركزالتدريب المهني والجامعات والمعاهد وديوان الخدمة المدني, والقطاع الخاص من مصانع وشركات وبنوك ومؤسسات تعمل في مجال التكنولوجيا, لوضع إستراتيجية مشتركة وخطط عمل لضمان إستقطاب المبدعين والرياديين والأفكار القابلة للتطبيق , لتكون نواة لشركات أو صناعات متميّزة وفريدة يكون لها قيمة سوقية مرتفة جداً نتيجة "Know how " ,إضافة إلى رسم سياسة وخارطة طريق متجانسة ومتناغمة تُطبَق حسب منهجية فنية تؤدي إلى النتائج المرجوة من خلال المساهمة في تطوير المناهج وأساليب التدريس في كل من المدارس والمعاهد التقنية والجامعات وتحسين الأداء في كل من القطاعين الخاص والعام. 2) التركيز على إستقطاب المبدعين من طلابنا أو ممن يعملون في السوق المحلي في مراحل مبكرة وذلك بإنشاء مراكز للتميّز المتخصص بعمل مركز رئيسي لكل تخصص وربطه مع الجامعات أو مراكز التدريب أو الشركات أو المصانع ذات التخصص, من خلال مشاركتهم العملية وتبادلهم للأفكار وللنتائج التي يحصلون عليها من خلال هذه المراكز والبناء عليها للخروج بأفكار إبداعية تُترجَم على أرض الواقع, بإنشاء شركات جديدة أو صناعات جديدة أو إضافة نوعية على صناعاتنا المحلية بإمتياز تكنولوجي, وقد عملتُ مع أكبر شركة أوروبية تكنولوجية لتصميم المراكز الريادية بجميع تخصصاتها قرابة خمسة أعوام للتحضير لما يتناسب معنا في هذه المرحلة لتساعد على إفراز الرياديين والمبدعين والخروج بالحلول والأفكار الجديدة المميّزة.3) إنشاء مركز تدريب دولي في مجال البرمجيات وتطبيقاتها لتدريب طلابنا من الذين يتخرجون سواء من المدارس أو الجامعات أو ممن يعملون في الشركات والمصانع وإكتشاف المبدعين والموهوبين لتصميم برامج جديدة ذات قيمة مضافة أو تطوير برامج أو منصات إجتماعية, ثقافية, علمية, فنية وإقتصادية لتأسيس شركات تكنولوجية تنافس الشركات العالمية وخصوصاً إذا تبلورت أفكار وبرامج وتطبيقات جديدة مميزة أو دعم ما تقوم به شركات التكنولوجيا الحالية على جميع المستويات المادية, التدريب المتميز للكفاءات, طرح الأفكار الريادية ليتم تبنيها.4) طرح مشاريع التخرج لطلاب الهندسة وطلاب العلوم في جامعاتنا عن طريق المراكز المشار إليها في الفقرة (2) لما يحاكي التطور التكنولوجي وأن يتم البناء عليها ومتابعتها لطلاب السنوات اللاحقة في مشاريع التخرج في حالة عدم نضوج الأفكار والنتائج العلمية والعملية, وأن تُحاكي واقع التقدم التكنولوجي والبناء عليه, لا نريد مشاريع تَخَرُج تقليدية ومكررة وأفكار تُدفن مع تخرُج الطالب .5) يجب تصنيف وترقية أساتذة الجامعات في الكليات العلمية والمعاهد التقنية بناء على نتائج وأفكار ريادية سواء عملوا عليها بمفردهم أو مع طلابهم.6) إلزام تخصيص جزء من موازنة الوزارات والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة والبنوك والمصانع والجامعات والمعاهد للبحث العلمي والإبداع والتطوير والريادة, وتُصرَف بالفعل كما خُطط لها, وأن يكون في كل منها قسم أو دائرة تحت مُسمى "قسم الريادة والإبداع والتطوير" ويكون له إرتباط فني بالدائرة أو المؤسسة الجديدة وسينعكس ذلك على الأداء وزيادة الإنتاجية النوعية .7) إغراء الطلبة المتميّزين عند تخرجهم بعقود عمل محلية بدل من سفرهم وفي نهاية المطاف هجرتهم للخارج وفقدان مساهماتهم وإبداعاتهم في بلدهم كما حدث مع النشمية المهندسة هبة غانم.8) الإستثمار بالأفكار الريادية والنتائج العملية والبرامج التي يتم الحصول عليها ونضوجها لتحويلها لمشاريع إستثمارية جاذبة للمستثمرين المحليين والعرب والأجانب لإنشائها في الأردن ومنحهم تسهيلات تمويلية من البنوك.9) تشجيع البنوك المحلية على تمويل المشاريع التكنولوجية بمنحهم تسهيلات ,ويجب على كل بنك أن يستحدث شاغر تحت مُسمى " مدير الإستثمار التكنولوجي" وأن يختص بتمويل مشاريع وأفكار ريادية بالتعاون مع الدائرة أو المؤسسة الجديدة المُقترحة.10) الإهتمام ببراءات الاختراعات وتمويل عمل النموذج الأولي لها Proto typeليكون ضمن إختصاص الدائرة أو المؤسسة الجديدة وإستقطاب المنح الخارجية والداخلية لتمويله, وتشجيع المنافسة بين الشركات والمصانع والجامعات تحت مسمى جوائز التميّز والريادة والإبداع السنوية وعلى أعلى مستوى في الدولة , وعمل معرض سنوي لعرض هذه الإنجازات وتكريم أصحابها من المبدعين.11) الإنفتاح على الدول المجاورة وخصوصاً الخليجية بعمل مشاريع إبداعية مشتركة على غرار ما قمت بسرده في بداية المقالة من قصة نجاح شارك بها عدة دول أوروبية. إن نجاح مؤسساتنا العامة والخاصة ومساهمتهم الفاعلة في بناء الإقتصاد وزيادة الناتج القومي الإجمالي وتحقيق نسب نمو مرتفعة بهذه الطريقة, سيكون مضموناً إذا إتبعنا النهج الصحيح الذي أشرنا له سابقاً وتواجد المبدعون المتميزون المُدرَبون الذين قمنا بإكتشافهم وتطوير مهاراتهم الفنية وأطلقنا العنان لإبداعاتهم ,وأهم عنصر في هذه العملية هو إختيارنا الصحيح للمناصب القيادية في القطاع العام من وزراء وأمناء عامين ورؤساء هيئات وخصوصاً إذا كان تخصصهم قريباً من مجال عملهم , وأن يكون عندهم الإبداع والحماس وروح الفريق الواحد مع توفر الخبرات الفنية والعملية والنظرة الشمولية فلا مجال للمُحاباة ,فيجب إختيار الأفضل لشغر تلك المناصب والبحث عنهم في الخارج لعمل النقلة النوعية وإستبعاد فكرة إلزامية ترقية مع يعمل بالوزارة أو المؤسسة ليستلم الموقع القيادي إذا لم يتمتع بالكفاءة العالية, إضافة الى إستبعاد المسؤول الذي لا يكون وجوده وعمله في وزارته أو مؤسسته قيمة مضافة وعدم تدويره في مناصب أخرى على أمل أن نرتقي بهذا القطاع لينهض بإقتصادنا لما هو خير للمواطن الأردني وهذه الرؤيا التي أرادها جلالة الملك , ويتابعها سمو ولي العهد والتي لا زلنا نجتهد ونسابق الزمن بتحقيقها من خلال تطبيق لرؤية التحديث الإقتصادي والتطوير الإداري.المهندس مهند عباس حدادينخبير سياسي وإقتصادي وتكنولوجيmhaddadin@jobkins.com
الريادة والإبداع.. كيف نجدهما
م. مهند عباس حدادين
خبير ومحلل استراتيجي في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا
الريادة والإبداع.. كيف نجدهما
م. مهند عباس حدادين
خبير ومحلل استراتيجي في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا
خبير ومحلل استراتيجي في السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا
مدار الساعة ـ