ظاهر الضامن
لم يترك الحديث الغاضب لجلالة الملك عبدالله الثاني، امام مجلس السياسات امس، مجالا لأي تأويل او تحليل فيما يتعلق بالثوابت الهاشمية تجاه قضية القدس وحرص جلالته على سيادة القانون وصون حقوق وكرامة المواطنين وسيادة الاردن.
فجلالته كان شديد الوضوح، كعادته، حيال العلاقة مع اسرائيل التي لا تكون ابداً على حساب المصالح الوطنية العليا وحقوق الشعب الفلسطيني وحماية المقدسات وكرامة المواطنين، فرسالة جلالته جاءت مباشرة وصريحة الى ابعد حد ممكن، حين قال إنه «سيكون لتعامل إسرائيل مع قضية السفارة ومقتل القاضي زعيتر وغيرها من القضايا أثر مباشر على طبيعة علاقاتنا»، مؤكداً جلالته «أننا لن نتنازل أو نتراجع عن أي حق من حقوقهم وعن حقوق مواطنينا» مشيرا جلالته الى الجريمة التي ارتكبها احد أفراد السفارة الإسرائيلية في عمان بإطلاق النار على اثنين من الاردنيين. وهما المواطنيين اللذين قال جلالته إننا «سنكرس كل جهود الدولة الأردنية وأدواتها لتحصيل حقهما وتحقيق العدالة».
جلالته الذي ترأس اجتماع المجلس فور عودته الى ارض الوطن امس، وتوجه بالتعزية لعائلات الضحايا، وجه رسالة شديدة اللهجة الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مطالبا اياه بمحاكمة القاتل وموبخا استعراضه السياسي المرفوض، قائلا إن «رئيس الوزراء الإسرائيلي مطالب بالالتزام بمسؤولياته واتخاذ الإجراءات القانونية التي تضمن محاكمة القاتل وتحقيق العدالة بدلا من التعامل مع هذه الجريمة بأسلوب الاستعراض السياسي بغية تحقيق مكاسب سياسية شخصية وأن مثل هذا التصرف المرفوض والمستفز على كل الصعد يفجر غضبنا جميعا ويؤدي لزعزعة الأمن ويغذي التطرف في المنطقة، وهو غير مقبول أبدا».
وفي قضية المسجد الاقصى اشار جلالته بوضوح ايضا، الى ان جهود الاردن بالتعامل مع الازمة الاخيرة ومن خلال التنسيق مع أشقائنا الفلسطينيين أدت لاحتواء تداعياتها وفتح المسجد بشكل كامل، داعيا اسرائيل إلى «ضرورة احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في الحرم القدسي الشريف لمنع تكرار هذه الأزمات».
غضبة جلالته، تعبير صادق عن المواقف الحقيقية للمملكة التي ما توانت يوما عن نصرة الحق الفلسطيني ونجدة الاقصى، مثلما هو تعبير عن استعداد الاردن للذهاب بعيدا وبعيدا جدا، حين يتعلق الامر بانتهاك اسرائيل لقدسية الحرم الشريف والسعي لتغيير الوضع القائم والمس بالوصاية الاردنية على المقدسات.
كما يرسخ الحديث الملكي القيم الاردنية في الدفاع عن حقوق المواطنين وكراماتهم وسيادة الدولة، وهي القيم التي تجسدت في الحديث الغاضب لجلالته تأكيدا على أنها خطوط حمراء لن يتهاون الاردن إزاء أي تطاول او تجاوز لها مهما بلغت التضحيات وجسامة الاثمان، فلا مساومة مطلقا على هذه القيم التي هي عنوان رئيس من عناوين الدولة.
الاردن الذي يحرص دائما على «احترام القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية، من منطلق كونه دولة قانون تحترم التزاماتها والمواثيق التي تدخل بها، وهذا الالتزام بالقانون الدولي هو الذي يضمن حقوقنا وحقوق مواطنينا»، كما أكد جلالة الملك، هذا الاردن العزيز المنيع، لديه ايضأ من السبل والوسائل والادوات التي تحفظ حقوقه وتصونها في اطار التزامه الدولي، وفي مقدمة هذه السبل قيادته الحكيمة الامينة على تاريخ وحاضر ومستقبل وطنها وامتها.
الرأي