أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مختارة تبليغات قضائية مقالات أسرار ومجالس مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

هل التعليم الجامعي أصبح مجرد تسلية في الأردن كما قال النائب سليمان أبو يحيى..؟!


د. مصطفى التل

هل التعليم الجامعي أصبح مجرد تسلية في الأردن كما قال النائب سليمان أبو يحيى..؟!

مدار الساعة ـ
على صفحته الشخصية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي , كنت مستمتعاً بعرضه لحلقات بعنوان " مشاكل العمل والبطالة في الأردن , أفكار وحلول " , واندمجت حقيقة بما كان يقدمه سعادة النائب سليمان أبو يحيى, من شرح مقتضب للواقع العام في الأردن سوآء الاقتصادي أو سوق العمل أو البطالة .
الرجل قدّم معلومات موثقة مثل نسبة النمو الاقتصادي في الأردن , وانها لم تتجاوز نسبة 2.5% في احسن أحوالها خلال العقد الأخير , ولن تتجاوز هذه النسبة خلال المدى المتوسط القادم في أفضل الحالات , وان هذه النسبة لا يلمسها المواطن الأردني في واقعه الاقتصادي كونها نسبة متدنية جدا , فأكثر الدراسات تفاؤلاً تحدثت عن نسبة نمو تتجاوز 6% حتى يلمسها المواطن واقعا, وهذه النسبة لم يصلها الأردن سابقا خلال عقد من الزمان , ولن تصلها في المدى المتوسط المنظور على أقل تقدير . وأسهب الرجل في تقديمه لواقع البطالة في الأردن بين الرسمي والشعبي، وحاول جاهدا إرشاد متابعي صفحته نحو أفكار يراها انها جديرة بالتخفيف من مشكلة البطالة، اغلبها تعتمد على المبادرات الفردية من باب ساعد نفسك بنفسك، وقام مشكورا بإرشادات عامة نحو مواقع وصفحات الكترونية تعتني بالعرض الشخصي ان صح التعبير لصاحب المهارة الذي يريد ان يقدم خدماته للجمهور مقابل أجر. ما استوقفني في المشاهدة, عبارة (اصبح التعليم الجامعي للتسلية في الأردن, كون ان العلم اصبح متاحاً للجميع) عندما قسّم سعادة النائب العاطلين عن العمل الى قسمين : الأول الحاصلون على الشهادات الجامعية, والثاني غير الحاصلين على شهادات جامعية , واكّد سعادته أن القسم الأول قيمة مضافة للعمل , بينما الثاني لا يوجد عنده أي قيمة مضافة للعمل , كون أنه يتوفر من القسم الثاني الكثير , وبنفس الوقت أكّد سعادته على أن أقصر الطرق للقسم الثاني ليصبح قيمة مضافة هو اكمال تعليمه الجامعي ..!قد تكون العبارة خرجت من بين شفتي سعادته بطريقة عفوية , نتيجة العفوية التي كان يتكلم بها في تسجيله المرئي , ولكنها كانت عنواناً لواقع نعيشه للأسف الشديد , التعليم الجامعي في الأردن , اصبح في الواقع بعيد جداً عما كان يُخطط له ولمخرجاته , ولمستوى هذا التعليم.التعليم الجامعي أصبح للتسلية في الأردن , كون أن الشهادة الجامعية أصبحت أسهل المنالات بين يدي الشعب الأردني, بمختلف الصيغ والتركيبات الأكاديمية داخل الأردن ومنظومته التعليمية،عندما خرج العلم في جامعاتنا عن نطاقه التطبيقي نحو النطاق النظري المجرد , بمختلف تصنيفات التعليم العلمي والإنساني , أصبح للتسلية فقط.عندما تكون مشاريع التخرج للطلبة في البكالوريوس مجرد حفلة ودبكة خارج الكلية, واستئجار فرقة قد تُكلف والد الطالب راتب شهر من رواتبه, مترافقة بفاردة للاستعراض العام في الشوارع , يتخللها مجموعة مخالفات قانونية , قطعا سيكون التعليم الجامعي للتسلية فقط . عندما تكون أبحاث الطلبة مرصوفة على رفوف الجامعات يعلوها الغبار أمتاراً، ولا يُستفاد منها شيء على مستوى الدولة الرسمي وغير الرسمي، قطعا سيكون التعليم الجامعي للتسلية.عندما نلجأ الى الخارج ليبحث لنا عن دراسات أولية لثرواتنا المعدنية على أراضينا، بينما طلبة الجيولوجيا بمختلف مستوياتهم في الأردن، يرصفون دراساتهم وانتاجهم العلمي النظري على رفوف جامعاتهم، كأنها غير موجودة من حيث الأصل، قطعا ستكون الدراسة الجامعية في الأردن مجرد تسلية. عندما يحصر مجلس التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم و التعليم العالي , مشكلة طلبة الدراسات العليا في الاختيار بين ( امتحان المستوى الوطني للغة الإنجليزية ) الذي فشلت فيه المنظومة العلمية الأردنية متمثلة بمجلس التعليم العالي, وبين امتحان التوفل أو الايلتس الأصلي , وتختصر مشكلة طلبتنا بهذه النقطة الجزئية الشكلية فقط , قطعا سيكون القرارات للمجلس لمجرد التسلية.عندما نعجز بالعقل الجمعي عن تقييم مخرجات جامعاتنا العلمية والإنسانية، ونلتجئ للخارج ليُقيّم لنا تعليمنا الجامعي، ونحن نعلم تمام العلم أن طلبة جامعاتنا يتخرجون من جامعاتنا وهم لا يتقنون أبسط مهارات التخصص العامة، نتيجة غياب مرجع موحد داخل الجسم التعليمي يُقيّم هذا المخرج كنوعية علمية يُعتمد عليها، سيكون قطعاً تعليمنا الجامعي من باب التسلية.عندما يكون المخرج العلمي من الجامعات للألقاب وحملة الشهادات , دون مهارات وطاقات وأصحاب قدرات , نتيجة غياب المعادلة للاعتماد الخاص في الجامعات الحكومية , والتي أصبحت توفر عددا هائلاً من الطلبة بمختلف البرامج الجامعية من التنافس وموازي ومكرمات ومنح وغيره , ولكن بالمقابل لا توفر مدرسين مؤهلين لتقديم العلم لهذا العدد الضخم من الطلبة , قطعا سيكون التعليم الجامعي مجرد تسلية....عندما يكون التعليم الجامعي عبداً لرأس المال في وطني ( ادفع قسطاً تنجح فصلاً ) , على حساب المخرجات العلمية في كثير من الجامعات للأسف الشديد , قطعا سيكون التعليم الجامعي للتسلية.عندما تعجز السلطة التشريعية وهي السلطة الرقابية عن الزام السلطة التنفيذية ومحاسبتها على تقصيرها في مخرجات التعليم العام , والزامها برفع سويته منطلقة من داخل المجتمع العلمي الأردني لا من خارجه , قطعا ستكون النتائج كارثية ....عندما يعجز المجلس التشريعي عن الزام السلطة التنفيذية ومحاسبتها على نتائج نهج استقلال الجامعات , ونتائج دعم البحث العلمي , ونتائج ضبط الجودة والاعتماد , والتوسع رأسيا وأفقيا في عدد المقبولين الجامعيين على حساب الجودة , قطعا ستكون النتائج كارثية..عندما تعجز السلطة التنفيذية في الأردن عن ضبط منشورات (أبحاث الترقية) لبعض أعضاء هيئة التدريس الجامعي, ومحاسبة الجامعة التي قامت بالترقية بناءا على منشورات مزيفة أو مسروقة أو ليست من انتاج عضو لجنة التدريس نفسه , بحيث أن منشوراته بلغة اجنبية , وهو يعجز عن تركيب كلمة واحدة باللغة المنشورة فيها البحث الذي هو من انتاجه الحاص كما يقول , فقطعا ستكون جامعاتنا للتسلية.عندما تعجز الجامعات عن تنمية المجتمع المحلي المحيط بها بمختلف المجالات , مما يعني فشل الفلسفة القائمة عليها الجامعة نفسها وارتباطها بالمجتمع المحلي , ورغم ذلك يخرج علينا بعض من أصحاب العطوفة والسعادة , وهم في انتفاخ صارخ, لانهم قبلوا هذا العام عدداً مضاعفا من الطلاب في البرامج الجامعية على حساب الجودة والعدالة وعدد أعضاء هيئة التدريس, قطعا ستكون الشهادة الجامعية للتسلية...لا أقصد سعادة النائب (سليمان أبو يحيى) شخصيا بمسماه التشريعي ولا الشخصي , ولكني قصدت جميع المنظومة من سلطة تشريعية وتنفيذية وغيرها, لأنها بالمجموع العام هي التي أودت بنا الى هذه النتائج الكارثية , ولا زالت تتفاخر وتعاند بأنها إنجازات , وهنا الكارثة الحقيقية.
مدار الساعة ـ