انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

الباشا خلف الشرعة يكتب لـ مدار الساعة: حال اﻷمة العربية

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/13 الساعة 19:53
حجم الخط

الباشا خلف ثليج الشرعة

الناظر لحال العرب يرى هول المشهد من حالة الامة اليوم بين العالم كموقع وموضع، فبمراجعة للبيئة العربية تاريخياً وجغرافياً واقتصادياً وسياسياً وحضارياً يظهر لنا سبب هذا الحال..

فالعرب تاريخياً من أعرق الشعوب على وجه الأرض فتاريخهم يمتد عميقاً في جذور الحضارة الإنسانية والبشرية، وعاداتهم وتقاليدهم وقيمهم تمتد في اعماق الأرض ولغتهم هي من ارقى اللغات الحية على وجه الأرض منذ القدم، ولقد دان لهم الغرب والشرق في عصر الرسالة الاسلامية واستمرت هذه السيادة حتى بداية القرن التاسع عشر، ولهم تاريخ يصلح لان يكون طريقاً للحضارات البشرية، ولهم جغرافيا بمثابة قلب العالم القديم والحديث معاً، وتعتبر روحياً مهبط الوحي، وموطن الديانات السماوية الثلاث، ومادياً فهو يصل بين قارات العالم ويشكل محوراً لا يمكن الاستغناء عنه للتواصل بين سكان هذه القارات، كما أنه يشرف على محيطات وبحار العالم الرئيسة..

ومن خلال مضائقه التي تمر به معظم حركة التجارة العالميه من مضيق جبل طارق وقناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز وكذلك فإن موقع العرب الإستراتيجي وعلى مساحة كبيرة تجعل منه مصدراً رئيساً للطاقة الشمسية في الحاضر والمستقبل، والتي من المتوقع لها أن تشكل بديلاً لكثير من مصادر الطاقة الحالية التي تتعرض لاستهلاك جائر قد ينضب في المستقبل القريب، واقتصادياً فالوطن العربي يتربع على قمة تجارة النفط والغاز، والذي لا غنى للعالم عنهما، كما أنه يحتوي على موارد طبيعية هائلة كاليورانيوم والنحاس والحديد والفوسفات والذهب وغيره، مّما يجعله العمود الفقري للتجارة العالمية، ناهيك عن الثروة السمكية الكبيرة التي تحويها المياه المحيطة به والثروة الحيوانية الهائلة، ويحتوي ايضاً على أراضٍ شاسعة صالحة للزراعة، والتي في حال استغلالها بطرق علمية مدروسة لجعلته سلة الغذاء الرئيسة في العالم، كل هذا يجعل الوطن العربي محطة متحركة تقود العالم بأجمعه، وجعله محط أنظار المتربصين به والذين لا يدخرون جهداً للسيطرة عليه وسلب خيراته والتمتع بما يحتويه من ثروات ظاهرة وباطنة.. ولهذا حاول الطامعون السيطرة عليه منذ القدم وحتى جاءت الحملات الصليبية المتواصلة، والتي كان ظاهرها دينياً وباطنها اقتصادياً بحتاً، وبذلت القوى العالمية جهدها لتدميره لتفتيته من خلال القضاء على وحدته وتقطيع أوصاله إلى دول ودويلات، وبناء أنظمة ودويلات تدين بالولاء للغرب والشرق حتى خططت الدول الاستعمارية لزرع جسم غريب في مركز القلب ونجحت بذلك لتسهيل السيطرة عليه ونهب خيراته ومقدراته، حتى أصبح العرب في مؤخرة الركب العالمي واستنزفت طاقاته، فنفطه يباع بأرخص الأسعار، وتسيطر على إنتاجه مجموعة من الشركات العالمية، وغازه يباع بأسعار زهيدة تكاد لا تغطي تكاليف إنتاجه، وموارده تباع بصوره بدائية كخام مثل الفوسفات وغيره وبأسعار زهيدة, وأهملت الأراضي الزراعية فأصبحت بوراً ميتة لا تقوى على إنتاج شيء، واستغلت مياهه الإقليمية من شركات عالمية بحجة الاستثمار، والتعليم أصبح في الحضيض لا يعين احد، وجامعاته لا تعين نفسها ولا دارسيها ومساهماتها في البحث العلمي لا تذكر.

أمّا صناعياً ورغم كل الإمكانيات فإن الصناعة العربية لا تتجاوز بأحسن أحوالها بعض الصناعات الاستهلاكية والقليل من الصناعات المنتجة في القطاعات التكنولوجية والثقيله والطبية، وفي المجال السياسي فإن العرب لم يستطع اقناع شعوبه والعالم بأهميته، فحقوقه منتزعة وأرضه مباحة للبعيد والقريب وصوته غير مسموع، وعليه وعند رؤية هذا الواقع نعلم لماذا هذا الضعف للعرب، لا شك أن ما يتمتع به من إمكانات جعلت العالم يتداعى عليه ولكن من سهّل هذه التداعي تخلف العرب وعدم قراءة المستقبل وقراءة البيئه الاستراتيجية دولياً واقليمياً ومحلياً ومعرفة التحديات الداخليه والتهديدات الخارجية، وكل ذلك عمل وساعد وساهم على تمكين الطامعين في العالم من السيطرة على مقدرات الأمة ونهب ثرواتها وجعل الأرض العربية بمثابة قاعدة عسكرية لهم ومنفعه لمصالحهم ويصولوا ويجولوا بها بلا رادع والقتل والحرق والدمار وتحت مُسمّى محاربة الإرهاب، وللخروج من هذا الواقع كوضع يجب على العرب أن تستيقظ ويجد نخبة سياسية همّها الوطن والامه وتعالج السلبيات وتطور الايجابيات، وبعدها نعود لقيادة العالم ونصبح امة تقود بدلاً من أن تكون مقادة، وتعود لنا حقوقنا ومواردنا وموجوداتنا وعزتنا وكرامتنا ومكانتنا وهيبتنا وتاريخنا وجغرافيتنا، ونكون امة فاعلة رائدة تواكب ركب التقدم العلمي والحضاري والإنساني .

مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/13 الساعة 19:53