بقدر ما هي خطوة اصلاحية اضافية في برنامج الاصلاح الاردني الشامل فإن فلسفة وجوهر مجالس المحافظات تخاطب المؤمنين في الانحراط في الخدمة العامة بل ومن يملكون الارادة والجدية لهذه الغاية، خصوصا وانه لن تكون هناك امتيازات مالية مغرية لرؤساء واعضاء مجالس المحافظة.
وفي هذا المجال فان المكأفاة المحددة ب 500 دينار لعضو المجلس والف دينار لرئيسه هو مبلغ معقول وغير مبالغ به يعين على القيام بمهام ومسؤوليات الموقع في مجالس المحافظات وهو ربما احدى المجسات الضرورية لاختبار صدق النوايا والجدية حيال الخدمة العامة ومتطلباتها ومن يرغب للتقدم والايفاء بواجباتها انطلاقا من القناعة والجدية
والايمان بالصالح العام قبل اي اعتبار
اخر.
ولان ثقافة الامتيازات كانت وما زالت هاجس للكثير من المترشحين للانتخابات، سواء النيابية او البلدية او مجالس المحافظات ( اللامركزية ) فقد فعلت الحكومة الصحيح بان قللت الامتيازات المادية للمنتخبين والذين سيتم تعيينهم في مجالس المحافظات، وعلى امل ان تطبق هذه الامتيازات في حدودها المعقولة في بقية الاطر والمجالس المنتخبة وغيرها في المستقبل، حتى يكون شعار الخدمة العامة مؤصلا على ارض الواقع دون النظر الى المنافع والفوائد والامتيازات كغاية بحد ذاتها وليس وسيلة لتأدية الواجب والخدمة العامة.
وبالنسبة لمجالس المحافظات على وجه الخصوص، فان المجهود الذي تتطلبه هذه المجالس سواء بالنسبة للرؤساء او الاعضاء، انما هو بالدرجة الاولى معرفي وابداعي ويقع في جوهره في تحديد الاولويات ورسم السياسات التنموية في المحافظات، بناء على تدرج وتقاسم المسؤوليات وتكاملها، بشكل منسجم مع الاطر المحلية المنتخبة او المعينة في المحافظات دون تداخل او تضارب في المسؤوليات واتخاذ القرارات.
ولما كان دور القوانين يشكل حجر الزاوية في تنظيم هذه المسؤوليات، فان قانون مجالس المحافظات وقانون البلديات وكذلك قانون الانتخاب، فصلت بشكل واضح ودقيق بين المسؤوليات والادوار، وآليات اتخاذ القرارات، ولذلك فان مجالس المحافظات ستدخل المنظومة بعد اجراء الانتخابات في منتصف الشهر المقبل ولديها رؤية واضحة لمهامها ومسؤولياتها، وهي المهام والمسؤوليات التي بالفعل تتطلب خبرات وكفاءات ومعرفة تضع الخدمة العامة في مقدمة الاولويات خصوصا
وان كل من يترشح لمجالس المحفاظات بات يعرف مسبقا ان الخدمة العامة في هذا الاطار بالذات تتطلب الكد والجهد والايمان بمفاهميم العمل العام دون مغريات وامتيازات خصوصا المادية التي غالبا ما تجعل المترشحين لاي انتخابات يطلقون شعارات بعيدة عن الواقعية تماما لان الهدف هو الفوز وبعد ذلك التنصل من الشعارت وبالتالي اتهام المواطنيين في الدوائر الانتخابية لممثليهم بضعف الاداء وضعف المصداقية.
وفي الوقت الذي يتواصل فيه العد التنازلي لاجراء انتخابات مجالس المحافظات ومجالس البلديات في منتصف الشهر المقبل، وهي الاطر التي تلامس الاولويات بشكل مباشر في محافظات المملكة، واحتياجات المواطنين المؤطرة في مشاريع تنموية مستدامة وخدمات يومية عامة، فان الفرصة مواتية، لان ينخرط جيل الشباب على وجه الخصوص في مجالس المحافظات والمجالس البلدية ترشيحا وانتخابا وتحقيق اوسع مشاركة في تحمل المسؤولية، والجلوس في مقعد القيادة في هذه
المجالس عضوية ورئاسة خصوصا ان المتابع لقطاع الشباب في الاردن الذي يشكل غالبية المجتمع يلمس في خطابهم في كل مكان الرغبة والارادة في الذهاب بعيدا في تحقيق المصلحة العامة وفق معايير المشاركة والنزاهة وتجذير الديقمراطية بقيمها الشاملة.
مجالس المحفاظات والبلديات المكان المناسب لتجذير هذه القيم والمبادئ، والباب فيها مفتوح لمن يملك الرغبة والارادة للخدمة العامة، بعيدا عن الاغراءات المادية والامتيازات والمنافع الشخصية، اذ ان العمل الجماعي والايمان به، هو الغاية لهذه المجالس.
الرأي