.. أنا أريد أن أضع صورة (بوتين) في غرفتي, أنا حر.. وبصراحة متناهية أحببت هذا الرجل, الذي تحدى الجميع.. وجعل أوروبا (تولل) مثل راقصة خرجت لأداء (نمرتها) ولم تجد أحداً من (السهيرة)...
هل تتسع اللغة العربية لوصفه؟ مثلاً هل من الممكن أن نقول عنه (طير شلوة)، هل من الممكن أن نصفه (ذيب اقطم), أو مثلا (الصلف)..؟ الغريب أن الذين تخرجوا من جامعات لندن, ومعاهد أميركا... ومن (كارنيغيه) والذين بنوا مؤسسات ما يسمى بالمجتمع المدني, وخصخصوا القطاع العام.. وأطلوا علينا من زاوية النيوليبرالية, وأسسوا المدنية... ودعوا لانفتاح الإعلام وتنشيط الأحزاب.. صمتوا جميعاً أمام مشهد أوكرانيا... لم يتحدث أي واحد منهم عن هزيمة الحضارة الغربية, لم يتحدث أي واحد منهم عن سياسة الإلحاق بأميركا فقد تبين أن دول أوروبا كلها فاقدة للشخصية وتأتمر بأمر بايدن... أنا لم أقل هذا ولكن وزير الخارجية الروسي (سيرغي لافروف) هو من قال هذا, في اجتماع مجلس ?لأمن القومي.. والأغرب أن أحداً من أوروبا لم يجرؤ أن يرد عليه..
لماذا نحن في الأردن دائماً تعجبنا وصفات الاتحاد الأوروبي في قضايا حقوق المرأة, ووصفات الجمهوريين في قضايا الحريات، وسيداو في قضايا الجندر.. وتعجبنا أكثر نظرة (هارفرد) للعالم الثالث، ونتأثر (بفولتير).. ونستشهد (بميشال فوكو).. ونقرأ عن جان جاك روسو، ونتفاخر بالعقد الاجتماعي... لقد تبين أن فلاديمير بوتين.. أهم من كل هؤلاء, وتبين أن الصواريخ الروسية أقوى من نظريات (ميشال فوكو).. وأن القاذفات الاستراتيجية أهم... من الثورة الفرنسية وتبين أن وزير الدفاع الروسي أهم بكثير أيضاً من: (جان بول سارتر)..
الذي حدث في أوكرانيا, ليس بالانتصار الروسي فقط.. ولكنه تعرية العجز الأوروبي.. هو أيضاً الفشل الأوروبي في أن يكونوا شخصيتهم المستقلة, هو عدم قدرة أوروبا على الدفاع عن نفسها... وقيام الولايات المتحدة بتحريك جنودها في بولندا وألمانيا... وفي النهاية ماذا نقرأ؟.. نقرأ أن ما يقارب 50% من اقتصاد العالم في يد أوروبا, والروس اقتصادهم كاملاً يعادل حجم.. اقتصاد ولاية واحدة في أميركا وهي كاليفورنيا, ومع ذلك هزم الجميع أمام (بوتين)..
ماذا سيقول أنصار المدرسة الغربية في الأردن... تلامذة تشومسكي وكيسنجر.. وهل هي حقيقة تلك النظرية التي تقول: إن أميركا تدير العالم مثل رقعة الشطرنج, ماذا سيقول الذين روجوا لنظرية كونداليزا رايس (الفوضى الخلاقة)... ماذا ستقول التيارات الليبرالية؟ إن ما حدث في أوكرانيا, هو الهزيمة المطلقة للقيم الأوروبية... والانتصار المطلق للقومية الروسية... وفي النهاية يأتي سفراء المجموعة الأوروبية لدينا كي يعلموننا كيف نقاوم الإرهاب والفكر المتعصب, وكيف نطور المناهج.. وكيف نصنع الحرية للأطفال ونعلمهم الإبداع.. يأتوننا بوصفات معلبة عن حقوق الإنسان وحقوق الحيوان.. وتمكين المرأة...الخ, لو أن وصفاتهم هذه كانت ناجعة لأنقذتهم من صواريخ بوتين.. لكنهم جميعاً كانوا مثل (ماكرون) الرئيس الفرنسي الذي أجبر أن يجلس على طاولة طويلة, ومن ثم تركه بوتين وغادر القاعة... دون أن يعير?البروتوكول الرسمي أي اهتمام.. تركه وترك كل أبجديات الثورة الفرنسية التي ما زلنا نتغنى بها..
لقد انتصر بوتين.. وما زالت وظائف سفراء الاتحاد الأوروبي, هي تعليمنا القيم الأوروبية العصرية... علماً بأن صاروخ (اسكندر) وحده هزم كل تلك القيم..
مشكلتنا أننا نتابع حدثاً, ولا نقرأ التاريخ.. لقد صنعت موسكو التاريخ الحديث..
Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي