أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

هكذا تحولت مأساة مودريتش إلى معجزة

مدار الساعة,أخبار رياضية,الاتحاد الأوروبي
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة - في عام 1985، في مدينة زادار الكرواتية، وأثناء حرب الاستقلال الكرواتية عن الصرب، والانفصال عن جمهورية يوغوسلافيا، وُلد لعائلة ستيب مودريتش طفل على وقع الحرب، وعلى تلك المدينة الساحلية أتى لوكا الصغير، وبمجيء لوكا للدنيا لم يكن الاستقرار خياراً بالنسبة للعائلة في تلك الأوضاع الصعبة التي تعيشها كرواتيا، خصوصاً بعد قتل الجد بدم بارد على يد الميليشيات الصربية -حسب تعبيره-: "أتذكر عندما تم قتله على بعد مئات الأمتار أمام منزله بسلاح آلي وحيداً، أتذكر جيداً عندما طلب مني والدي أن أُقبله وهو في النعش، وكان ذلك عندما كنت في السادسة من عمري".

"كانت علاقتي بجدي قوية، أنام في منزله، نخرج في الصيد معاً، وفي هذا العمر لا تملك الخبرة الكافية لتتعرف على مثل تلك المواقف، لماذا غادر جدي؟ لماذا الجميع قلق؟ أنت فقط تريد اللعب مع الأصدقاء، وهذا ما تفكر فيه". حينها أدركت العائلة الخطر وانتقلت إلى أحد المساكن بالقرب من مخيمات اللاجئين، محاوِلة البعد عن الخطر قدر المستطاع، ولكن ظلت تلك المشاهد في رأس لوكا الصغير.
في العاشرة من عمره، طلب المعلم من جميع الصف أن يكتب قصة ليحصلوا على العلامات الدراسية، فكان ما كتبه يدور حول ذكرياته من سقوط القنابل وليلة مقتل الجد.
"رغم صغر سني شاهدت العديد من اللحظات الصعبة، واجهت الخوف والرعب منذ سن صغيرة، ما زلت أتساءل هل يمكننا أن نصف هؤلاء الذين قتلوا جدي وسببوا لنا كل هذا الألم بالبشر؟ الحرب لا تُحضر الخير أبداً لأي أحد، ومثل تلك الأشياء إما أن تقوم بكسرك وإما أن تجعلك صلباً، وأنا اخترت أن أكون صلباً"
لوكا وكرة القدم.. الحب الذي يمحو الألم
لوكا وجد ضالته في الكرة التي كان -حسب وصف عائلته- لا يتركها، ففي الصباح يلعب أمام المخيم بالكرة، وفي وقت النوم، ومثل أفلام الرسوم المتحركة ينام معانقاً كرته في سريره. لذلك كانت كرة القدم الملجأ الوحيد له، وسط تلك الظروف الصعبة التي أحاطت به، ولكن ما كان ينتظر مودريتش في كرة القدم لم يكن بالسهل أيضاً. ففي عامه العاشر ذهب لاختبارات كرة القدم في نادي "هايدوك الكرواتي"، ولكن واجه رفضاً قاطعاً من الكشافين والمدربين في النادي؛ نظراً لبنيته الضعيفة والهزيلة في ذلك الوقت، مقارنة بأقرانه في نفس العمر. فقد قضى 15 يوماً قبل أن يُرفض بشكل نهائي، ولكن لم يكن ذلك النهاية بالنسبة للوكا، بعد عدة سنوات استطاع الحصول على فرصة اللعب في نادي دينامو.
"كطفل ناشئ كان عادياً، لم يكن لوكا يوحي لك بأنه سيصبح في يوم من الأيام لاعباً من الأفضل في العالم، لم يكن يقدم شيئاً خاصاً داخل الملعب، ولكنه كان فقط شغوفاً بكرة القدم، عندما بدأ اللعب أساسياً بعد فترة، وبدأ بقيادة دينامو حينها بدأت الحقيقة بالوضوح بأنه ليس لاعباً عادياً".
بعد بدايته في دينامو لم تكن إمكانياته كافية بالنسبة للنادي، لذلك تمت إعارته لفريق زرينسكي في الدوري البوسني، ليحقق هنالك الدوري البوسني، وأفضل لاعب في الدوري وهو في الثامنة عشرة، قبل أن يعود إلى كرواتيا مجدداً، ولكن ليس إلى دينامو، ولكن إعارة جديده لنادي "زابريسيتش"، لينفجر لوكا ويساعد الفريق في الحصول على وصيف الدوري الكرواتي، ليعود إلى بيته دينامو وتنتهي رحلة الإعارات، ويبدأ في تحقيق المجد واللقب الكرواتي مرتين متتاليتين، والتأهل لكأس الاتحاد الأوروبي، ليخطف أنظار نادي توتنهام، فيغادر إلى لندن محمولاً على أعناق جماهير دينامو وبتصفيق مثل الملوك.
لا نجاح بلا معاناة
وأخيراً حقق الطفل حلمه وأصبح لاعباً في الدوري الإنجليزي الممتاز، ومع فريق توتنهام اللندني وبصفقة قيمتها 16.5 مليون يورو، في أغلى صفقة بتاريخ النادي وقتها. وبعقد لمدة ست سنوات بدأ "موزارت" -كما لُقب- في العزف في ملاعب إنجلترا ملعباً تلو الآخر، لينثر سحره ويطرب به الآذان.
وفي عام 2011 استطاع أن يفوز بلقب أفضل لاعب في توتنهام، ليسعى لوكا لخطوة جديدة نحو المجد، فتبدأ الأخبار عن رحيل قريب إلى الملكي، جنة لاعبي العالم ريال مدريد.
ورغم رحيلٍ لم يكن بالمناسب، حيث وصفه قائلاً: "توتنهام كان النادي الأول الذي منحني الفرصة في الدوريات القوية، وأشعر أن طريقة رحيلي من هناك كان من الممكن أن تكون أفضل"، فإن جميع مشجعي "السبرز" ما زالوا يتذكرون سحر موزارت في ملعب الوايت هارت لين.
فمن ينسى هدفه في إيفرتون في الدوري الإنجليزي، أو هدفه في ليفربول الذي سيظل في الأذهان لوقت طويل، حتى آخر أهدافه مع توتنهام، الذي لم يكن بالهدف العادي، فهدفه في بولتون كان هدفاً من نوعية "ماركة مودريتش".
مودريتش الملك المجهول في ريال مدريد
"الكل يقبل التعويض في ريال مدريد إلا مودريتش"، حقيقة أثبتتها الأيام، وستظل تثبت يوماً بعد يوم في كل غيابٍ يضرب نصف ملعب الملكي بعدم وجوده في التشكيل لأي سبب من الأسباب. كاسيميرو مدمر هجمات للخصم وقاطع كرات مثالي، توني كروس صاحب أدوار في تمريرات إلى الأمام يقوم بها بشكل رائع، لكن هل يمكنك الجمع بين لاعب يقوم بأدوار ضغط على لاعبي الخصم، بما يعادل متوسط 28 مرة في المباراة، يمكنه أن يحولها لك في نفس اللحظة إلى تلك المرتدة المثالية التي يتغنى بها كل جماهير ريال مدريد، مثلما يفعل مودريتش؟
بداية الإجابة كانت دائماً لوكا مودريتش، الذي يزيد متوسط ركضه على 10 كم في المباراة الواحدة، وليس المبهر أننا نتكلم عن صاحب الـ36 عاماً، بل المبهر أننا نتكلم عن لوكا مودريتش، الذي لا يقوم بأدواره حتى أصحاب الـ25 عاماً، فهو فريد من نوعه لا يقارن.
والسبب الأبرز والعامل المشترك لكل النجاحات في قصة مودريتش هو ما حصده من حياته الصعبة، وهو الإصرار على الحياة، والإصرار على النجاح، بداية بتعرضه للرفض في البداية، مروراً ببدء العمل على بناء جسد قوي، وأخذ الهرمونات في سن صغيرة، وحتى البدء في خطط بدنية خاصة لتطوير الجانب البدني دائماً، ودائماً ما تكون هنالك خطط غذائية وبدنية خاصة، فذلك التفسير الوحيد لأن ترى هذا الملك ما زال بتلك الحالة في هذه السن، خسارة ألّا تملك في فريقك لاعباً مثل مودريتش، فاستمتع بسحره قبل أن يفوت الأوان.
مدار الساعة ـ