الإعلام المسيطر.. أم المسيطر عليه؟
الإعلام أحياناً يكون عدواً لذاته، خصوصاً مع توسع مساحة الحرية والديمقراطية، فالإعلام يلعب أدواراً مهمة في صناعة الخطر والسلم والحرب والتفاؤل وزرع الثقة وتخريب الثقة وتكبير الخطأ أو تصغيره، وما يحدث اليوم من اغتيال للشخصيات وما يرافقه من وسائل الابتزاز، والأهم من ذلك أنه مع تطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا أصبح الكل يمارس دور الإعلامي، إذن أين الإعلام الحقيقي من كل هذا..؟ وأين الهيكل التنظيمي من ممارسة تنظيم هذه المهنة المهمة التي تعد من أهم سلطات الحكم في أي بلد؟
السيطرة على الناس وما يسمى بقيادة القطيع ما كان لها أن تنجح بعيداً عن الإعلام الذي حول دور الكثير من الناس إلى مشاهدة لا مشاركة، وهذا لا يخدم الأجيال ولا الأوطان، وبهذا فإن السلطة التي تتحكم بزمام الأمور ستصل حتماً إلى أنها غير قادرة على قيادة وإدارة الرأي العام بعد هذا السلوك الذي تعود عليه الناس من عدم تصديق وفقدان الثقة بالتفاعل مع قضاياه ووطنه، ما يؤدي الى الضعف والوهن الاجتماعي ونمو سلبية الانتماء.
الإعلام المُسيطر تستطيع السلطة تشغيله في كل الأوقات عبر استثمار ثقة الناس به ومن خلاله، وعلى العكس من ان تسيطر عليه، خصوصاً عندما تفقد السلطة ثقة الناس، وهنا الأمثلة كثيرة وكيف أن دولاً كأميركا استطاعت أن تدير الصراعات الإعلامية خارجياً وبدلت واسقطت أنظمة حاكمة وسيرت الإعلام الأممي كما تشاء وفي كثير من الأماكن والأزمان، وللأسف لم يكن لأي إعلام وطني محلي أي دور في التحكم بالاتجاه العام وحماية أوطانها من الدمار والخراب، وبخاصة في تلك الدول التي تكون فيها الشعوب ذات فكر سياسي لا تلك الشعوب التي تسعى إلى تنمية الذات والرفاهية.
من أهم وسائل الديمقراطية وأذرعها تنافسية الإعلام ومؤسساته التي تحسّن من جودة الإعلام وثقة وثقافة الناس وترسخ المصداقية لها ولدولتها والتخلص من إعلام الفزعة، واعلام اللحظة وفوضى الإعلام، وإعلام الفوضى.
نحن بحاجة إلى إعادة هيكلة المنظومة الإعلامية بكاملها ليصبح الإعلام هادفا يساهم بحل الأزمات ويقرب وجهات النظر ويكون إعلاما للضبط والتحكم السياسي والاجتماعي.. إعلام وطن لا غير ذلك..
