انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

لماذا أمضى عبدالهادي راجي عمره في الصفوف الأخيرة

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/09 الساعة 23:28
مدار الساعة,عمان,الكرك,

حين بدأت المدرسة, لا شعورياً وفي اللحظة الأولى التي دخلت فيها الصف.. ذهبت للرحلاية الأخيرة, وجلست فيها.. بقيت طول العام في ذات المقعد لم اقم بالانتقال منه أبداً... كان كتفي ملاصقاً للحائط.

طوال المرحلة الإبتدائية والصفوف تتغير والأعوام الدراسية تنتهي وتبدأ أخرى, وأنا لم أغير مكاني أبداً... بقيت وفياً للصف الأخير, وحين جئت لعمان... لمدرسة الإمام علي بن أبي طالب, وجدت الرحلاية الأخيرة قد حجزت للطالب (نوفان)... وأنا بالطبع جديد على المجتمع, مصاب بالفجوة الثقافية.. وخجلا من نوفان جداً لم أكن افهم الدروس جيداً, كنت اشعر أن الرحلاية الأخيرة في الصف تساعدني على التركيز وأشعر أن الحائط إن لم يكن خلفي, فهنالك كاتم صوت يوجه لرأسي.. صدقوني أن الدواعي الأمنية ودواعي التركيز أيضاً وضرورات النوم في الحصة جعلتني لا أبدل الصف الأخير..
المهم نوفان.. اسمه يوحي بالبداوة, ومن المؤكد أنه طيب المعشر.. وقد تقدمت منه بثقة وجلست جانبه... وبعد حديث مقتضب أهديته طلقة رشاش (500) فارغة كنت قد احضرتها معي من الكرك.. وكنا نصنع منها ميداليات، يا إلهي كم كانت فرحة نوفان... وتعانقنا وقتها عناق الإخوة, وشعرت أنه يريد أن يقوم بفرش الرحلاية لي.. على الفور تحرك من مكانه وهمس في أذني قائلاً: (عندي هوشة بالفرصة عشان تحضرها)... وفعلاً حضرتها وكان آداء نوفان رجولياً, ويفوق التوقعات.
بدأت استعمل الباص لأن المدرسة كانت بعيدة, ومن دون شعور كنت اقفز للمقعد الأخير.. وإذا كان ممتلئاً.. أترك الباص وانتظر مجيء الآخر, أنا أصلاً إن لم أجلس في المقعد الأخير.. أحس أن يومي لن يبدأ واشعر أن الأمور كلها ستكون سيئة..
أنهيت المدرسة ودخلت الجامعة, وهنالك قاعات المحاضرات لا تكون ممتلئة مثل الصفوف, كان المقعد الأخير محجوزا لي, ولكنه المقعد الذي من خلاله تتعرف على الناس الذين يشاركونك في الميول والتكوين الثقافي... يومها تبدلت الهدايا.. صرت أعطيهم (أشرطة) محمد عبده... وعوض الدوخي, ووزعت ذات مرة (كاسيت) لنوبة سامر وسحجة مسائية... اندلعت في الكرك... كان رفاقي من مرتبات كلية الآداب: فيصل, صحن, محمود...الخ, وكان الدكتور بسام العمري يراقبنا ويقول دائماً: صف الرعيان جاهز..
لقد أمضيت عمري في الصفوف الأخيرة, كنت أعرف أن الصف الأول لم يكن لي.. واخترت مكاني برغبة, وقاتلت حفاظاً عليه.... والحمد لله ها أنا مازلت للآن في الصف الأخير.. من العمر, في الصف الأخير من المهنة, وفي الصف الأخير من الوجود..!!
Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/09 الساعة 23:28