ترجلّ رجل القانون الأستاذ الدكتور محمد الحموري الذي بدأ حياته العملية ضابطا في القوات المسلحة، ولكن متابعة الدراسة والخط الأكاديمي تدريسا وبحثا لم يغب عن طموحه متابعا دراسته العليا للحصول على الدكتوراة في القانون من جامعة القاهرة في بداية السبعينيات حيث كان من الرعيل الأول الذين حصلوا على هذه الشهادة في الأردن، كما حصل على الدكتوراة ايضا من جامعة كمبردج البريطانية، وأصبح مرجعا قانونيا وفقيها في القانون الدستوري محاضرا واستاذا جامعيا ومحاميا ومؤلفا للكثير من الكتب وله حضور قوي في العديد من المنتديات العالمية والعربية والمحلية بفكره الحضاري والمنهجي والموضوعي، وتولى مكانا مرموقا في أم الجامعات الأردنية عميدا لكلية الحقوق وبعدها وزيرا للثقافة والتعليم العالي وترك بصمات كبيرة أثرت ايجابيا في نفوس زملائه وطلبته... التقيته رحمه الله أكثر من مرة كان آخرها في شهر شباط عام 2020 وقت تأبين شقيقه المغفور له بإذن الله الصديق والأخ الدكتور الكيميائي المثقف والكاتب محمود الحموري عضو هيئة التدريس في جامعة العلوم والتكنولوجيا الذي أقامته مؤسسة إعمار اربد حيث ألقيت كلمة نيابة عن جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، وعندها أهداني عددا من مؤلفاته ومنها كتابه (المتطلبات الدستورية والقانونية لإصلاح سياسي حقيقي لماذا... وكيف؟ ... وحقا لقد قرات هذه الكتب ووجدت فيها العلم الغزير والفكر الناقد العميق والثقافة القانونية الموسوعية يدعو فيها إلى إحترام الدستور وضرورة الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية... نعم، رحلت تلك القامة القانونية الدستورية ذات الاطلالة التي تشّع ألقا وعلما.... رحل الباحث العميق والأصيل الذي كرّس نهج الموضوعية وقوة البيان وسعة الثقافة ورسّخ لغة أدب الحوار وإحترام الرأي الآخر، وهذه هي ميزات العالم الذي أتخذ من البحث عن الحقيقة وترسيخها توثيقا ومراجعة وتدقيقا وبيانا.
ورحل الفقية الدستوري والأكاديمي محمد الحموري
مدار الساعة ـ
حجم الخط
واليوم أيها المغادر أبا طارق، تنعاكم قاعات الدرس وطلبة العلم وقاعات المحاكم وندوات الفكر حيث نذرتم حياتكم مدافعا صلبا عن الحق والعدل بحضوركم البهي وفكركم الثري وصفاء ذهنكم النقي، وغرستم كلّ هذه القيم الأكاديمية في نفوس وعقول طلبتكم وعشاق القانون، وكنتم النبراس المضيء حيث لم تبخلوا على أحد بعلمكم وفكركم الأصيل.
ينعاكم اليوم، أساتذة علم القانون في الجامعات الأردنية حيث كنتم لمدة طويلة العالم البارالوفيّ والقدوة في العطاء، والحريص على الإنجاز الثقافي والفكري المتميّز نهضة وأصالة.
تنعاكم اليوم، أم الجامعات الجامعة الأردنية التي قدمتم لها جلّ العطاء استاذا متميزا للقانون فيها وعميدا بتواضع العلماء وقوة الأمناء الصادقين، مخلصا لوطنكم وأمتكم في مواقف عزّ نظيرها التي تحترم كرامة العلم والمعرفة، حيث آمنتم أن طلبة العلم هم قادة مستقبل الوطن والأمة وهم الإمتداد الحقيقي لأساتذتهم في كل مكان وزمان.
رحل الأكاديمي المتميز محمد الحموري صاحب المواقف النبيلة والانسانية التي تتسم بالحكمة وصدق السريرة، ورحم الله أبا طارق رجل القانون والفقيه الدستوري ذلك العلم الموسوعي فكرا وثقاقة وأصالة، على ما قدّم للعلم والمعرفة وإحقاق الحق، ولتطمئن روحكم الطاهرة في رحاب الله على ما قدمّتم أيضا من عطاء زاخر لأمتكم وجهود مباركة لوطنكم الذي أخلصتم له ولقيادتنا الهاشمية الحكيمة. وأنعم أيها الغائب الحاضر، قرير النقس في رحمة الله تعالى عند مليك مقتدر وعلى روحكم الطاهرة الأمن والسلام.
• كاتب واستاذ جامعي/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
• عميد كلية الصيدلة سابقا في جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية وجامعة اليرموك.
• رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس