انتخابات نواب الأردن 2024 اخبار الاردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للاردنيين احزاب رياضة أسرار و مجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات جاهات واعراس مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة كاريكاتير طقس اليوم رفوف المكتبات

عندما يغادر عدنان أبو عودة الحياة

مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/03 الساعة 06:32
مدار الساعة,الأردن,معان,كورونا,مقالات,فلسطين,

وأنا لا أحب أن أعرفه بما تقلده من مناصب, ولكني أحببت دوماً أن أعرفه بالمفكر الأردني.. كونه الوحيد الذي حين تجلس أمامه, وتسمع ما يقول.. فقط عليك أن تصغي بإمعان وتدون.. ما يقول.

كتابه الأخير قام بتوقيعه في مركز الحسين الثقافي حين كنت مديراً, وأتذكر الكلمة التي القاها وخصني بالشكر فيها.. وأتذكر كيف اجتمعت أركان الدولة كلها كي تسمع من (أبو السعيد)... هو السياسي الوحيد, الذي يجلس أمامه اليسار واليمين والمتقاعد والعامل.. لكنهم يجلسون بصمت, فلا مجال لأن تمارس التنظير ولا مجال لأن تسرد التاريخ.. حتى لو كنت عارفاً به, ولا مجال لأن ترفع الصوت ولو قليلاً.. ولا مجال لأن تعبس في وجهه, لأنه بحديثه ينتج الذهول على وجهك سواء أحببت ذلك أم لم تحب..
في أزمة كورونا كنت أهاتفه, ونتفق أن نلتقي.. كنت اسأله أحياناً عن بعض الأمور وأحاول أن أرسل له بعض المقالات, ولأن التكنولوجيا خذلته.. جعلني اقرأها له على الهاتف, فـ"الواتس اب» كان دائماً متعطلاً لديه... لكن القلب ظل يعمل بحب.. وتلك ميزته أنه لا يجيد الكره ابداً, مهما قالوا عنه... سيبقى في عيني الرجل الذي انتج الحب بالأطنان, والمفكر الأردني الذي يقف الجميع أمامه مثل التلاميذ..
ذات مرة سُئلت: لماذا تكتب كثيراً عنه؟ قلت:.. لسبب بسيط وهو أني كنت اخشاه.. لقد جلست مع كل السياسيين في هذا البلد, من أقصى يسارهم إلى يمينهم الملتبس وحتى وسطهم الضائع.. لم أشعر بوقار العقل لدى أحد منهم, مثلما شعرت بعبقرية عدنان أبو عودة في التحليل والنصيحة وفي قراءة المشهد والعالم.. لا أكذب إن قلت لكم إنه كان (هيكل) الأردن, ولا أكذب أبداً إن قلت لكم إنه كان أكبر من سياسي بكثير, بل كان منتج القرار وصانع المشهد..
لقد فقدناه, فقدنا سنديانة العقل... فقدنا الرجل الذي أنتج أهم مشهد في السياسة الأردنية وهو التحالف الوثيق بين العقل والسلطة, وأسس مع هذا المشهد صرامة السياسي أو السياسي المقاتل... وهو الوحيد الذي استطاع أن يعرف وصفي كما يجب, صدقوني أن أحداً في الأردن.. لم يتطرق لـ"وصفي التل» كما تطرق له عدنان أبو عودة.. فقد كان صديقه وتحالفه الاستراتيجي.. عدنان ووصفي شكلا معاً تحالف العقل والمشروع في السلطة..
حزين جداً على فقداني لرجل كنت أحبه وأخاف من هيبته ووقاره, وأحضر له القهوة بيدي حين يزورني في المكتب, عدنان أبو عودة من العيب أن تجعل المراسل هو من يقدم القهوة له, أنا كنت أقدمها بنفسي.. وأرفع له العصاة قليلاً وأضع كوب الماء في يده, وحين يغادر أرافقه للسيارة.. فهو الوحيد الذي ولد على جبال فلسطين وعاش في الأردن, بعقل يشبه الجوهرة...
لو كانت العقول يا عدنان تستعار.. لكانت أهم أمنية لي في العمر, أن أستعير ولو جزءاً بسيطاً من عبقريتك..
رحمك الله.. عشت ومت, ولكنك ستبقى في الذاكرة.. المفكر, والعبقري, والسياسي, والمقاتل.. والمشروع..
ستبقى «عدنان» المتفرد الذي لن تنجب السياسة مثله أبداً.
Abdelhadi18@yahoo.com
الرأي
مدار الساعة: وكالة اخبارية مساحتها الكلمة الصادقة
مدار الساعة ـ نشر في 2022/02/03 الساعة 06:32