الهجوم الذي تتعرض له المحاولات المختلفة لإقامة وإنشاء أحزاب برامجية عبر منصات التواصل خلال الايام الماضية، وقبلها التعديلات الدستورية والتعرفة الكهربائية والجمركية وغيرها من المحاولات، تجعلك في حيرة وفي حالة تساؤل مستمرة ماذا نريد حقا؟ وكيف لصناع القرار إرضاء الجميع؟
إرضاء الجميع غاية لن تدرك، وهنا لا أتحدث عن إرضاء العامة أوعدمه، بقدر ما أتحدث عن بعض من امتهن الانتقاد والهجوم والتشكيك على مختلف القرارات وحتى لو كانت بمجملها هي أحد مطالبه، ففي كل مره يتحججون بشيء رافضين كل المحاولات الرامية إلى البناء القائم على التشاركية ما بين صناع القرار والجمهور، فكل ما ورد في التعديلات الدستورية نتج عن مخاض عسير وحوار واسع مع مختلف فئات المجتمع، وكذلك تخفيض التعرفة الكهربائية والجمركية والأهم من هذا وذاك حرية إقامة الاحزاب وفق برامج وأسس واضحة، مع ضمان مشاركتها في صنع القرار من خل?ل اشراكها في تكوينة مجلس النواب المقبل.
محاولات الهجوم والتذمر والتشكيك والإحباط، لا تقتصر على الملفات السياسية بل تطالها وكثيرا من الأحيان إلى المستويات الاجتماعية، ففي كل حالة انتحار تسجل مرة أو مرتين بالعام تحمل المسؤولية للحكومات والدولة والظروف، ولا يحملونها لظروف شخصية أو نفسية قد يعيشها المنتحر، فيستغلونها بأبشع الصور لبث الإحباط في نفوس الجميع حتى ان الجميع أصبح مرآة لاحباطهم المستمر والمسموم عبر المنصات والتعليقات وغيرها.
التعرفة الجمركية الأخيرة وكذلك الكهربائية وغيرهما من القرارات الاقتصادية، كانت مطلباً للقطاع الخاص والخبراء، غير أنها لم تسلم من الهجوم وأخذت وكأن شيئاً لم يكن، ومن هنا دعونا نتخيل ماذا لو قامت الحكومة برفع الرسوم الجمركية وليس هيكلتها وتخفيضها وماذا لو أنها رفعت الكهرباء على الجميع وماذا لو قيدت الأحزاب وصعبت المشاركة بها، ماذا كان سيحدث؟ بالتاكيد لقامت الدنيا ولم تقعد.
أستغرب كل هذا الاحباط والتشاؤم والهجوم والسلبية في الطرح، بالرغم من أن أغلب المؤشرات العالمية والدراسات تشير إلى تقدمنا في كل شيء، وتتوقع مزيدا من التقدم على مختلف الأصعدة الاقتصادية، كالاستثمار والسياحة والعمل والزراعة، فلماذا نرمي الإيجابيات بعرض الحائط وننتظر الأخطاء، ففي العادة تزين الأخطاء وتعظم الإيجابيات، باستثناء من يسعون إلى رمي الايجابيات والإنجازات بعرض الحائط ويمسكون الأخطاء ويستعرضونها ويضخمونها وكأننا نعيش بالمدينة الفاضلة.
كل ما تم انجازه من اجراءات وقرارات خلال العامين الماضيين، وما تعرضت له من هجوم واحباط واستهانة فيها، يجعلك تتساءل وفق المثل القائل «احترنا منين نبوسك يا قرعه»، ويجعلك تتأكد كذلك وبشكل قاطع أن هناك من يريد لنا ألا نتقدم إلى الأمام ويسعى إلى الشد العكسي باتجاه الخلف ليبقى صوته مرتفعا بالباطل لا غير.
الرأي