بقلم نيفين عبدالهادي
رغم القناعة التامة بخطورة التجمعات، ورغم حتمية زيادة أعداد الإصابات بفيروس كورونا بين طلبة المدارس، ورغم نقاشات طويلة تسيّدها الرأي الصحي فيما يخص انتشار الوباء، وزيادة أعداد المصابين به وضرورة السيطرة على هذا الجانب، ورغم الكثير من الأسباب التي تفرض ايجاد خطط عملية تمنع زيادة ارتفاع المنحنى الوبائي، إلاّ أننا فوجئنا بأصوات ترفض قرار الحكومة تأجيل أو بمعنى أكثر دقّة ترحيل بدء العام الدراسي من الأول من شباط حتى العشرين منه.
حالة من الرفض قابلت القرار من قلّة ممن يحملون شعارات وأسبابا هشّة، وغير مبررة، وحتى غير مقنعة، وبعضها جاء مبنيا على أسباب من منظمات دولية لا تمت للخصوصية الأردنية بشيء، كأن برروا رفضهم بأنه سيكون سببا لزيادة حالات الزواج المبكّر!! أو زيادة نسبة التسرّب من المدارس، وفي ذلك يجافون الحقيقة تماما، ويبعدون الملف برمته عن مكانه الصحيح، فالحكومة عندما اتخذت هذا القرار كانت واضحة بأنه تأجيل للفصل الدراسي، أو سحبه أو ترحيله، وليس الغاءه أو اللجوء للتعليم عن بُعد، وكما أكدت أمين عام وزارة التربية والتعليم الدكتورة نجوى قبيلات لو وُجد توجّه للتعليم عن بُعد لما أُتخذ قرار الترحيل أو التأجيل؛ ما يجعل من الأسباب التي ساقها بعض المعارضين أو الرافضين لقرار التاجيل غير مقنعة وغير منطقية، وتجعل من القضية سطحيّة جدا، تبتعد عن عمقها الصحي والطبي الهام.
القرار الذي اتخذته الحكومة الأسبوع الماضي، لم يأت من فراغ، أو أُسقط على أرض الواقع دون بحث أو دراسة، فقد جاء بالموافقة على توصية اللجنة الإطارية العليا للتعامل مع جائحة كورونا، وذلك بهدف الحفاظ على صحة الطلبة والكوادر التعليمية والمساهمة في كسر حدة المنحنى الوبائي الذي يشهد تصاعدا في الوقت الحالي.
ولم تكتف الحكومة في الاعلان عن قرارها هذا، إنما رافقه تأكيدات على استمرارية التعليم الوجاهي في المدارس وأن خيار التعليم عن بعد غير وارد، وسيتم تمديد الدوام المدرسي لفترة مساوية ومماثلة لفترة تأخير بدء الدوام لينتهي في السادس من تموز المقبل، كون الهدف واضح من هذا القرار، وجاء اعلان الحكومة بتأجيل الدوام واضحا غابت عنه أي مساحات ضبابية، أو مجال للاستعانة بدراسات أو آراء لمنظمات غير أردنية ووضع آراء «معلبّة» لا علاقة لها بخصوصيتنا، وحمّل البعض القرار الكثير من السلبيات دون الأخذ بأسبابه التي تصبّ أولا وآخرا لصالح الطلبة، والمجتمع، مع التأكيد على أن في جانب التعامل مع الوباء يجب الأخذ بخصوصية المجتمعات التي تختلف من دولة لأخرى.
الوضع الوبائي فرض اتخاذ القرار، علما بأنه مرّ بأربعة مستويات، أولها لجنة التخطيط المركزية بوزارة التربية، وثانيها اللجنة الوطنية للأوبئة، وثالثها اللجنة الإطارية العليا للتعامل مع جائحة كورونا، وآخرها مجلس الوزراء، فيما جاء الهدف من القرار وفق الحكومة ووزارة التربية كسر حدة الموجة الرابعة ومنحناها التصاعدي، وإتاحة الفرصة لتلقي المطاعيم خصوصا لطلبة المدارس، السمة الغالبة هو متحور أوميكرون وهو سريع الانتشار والعدوى، والأهم أنه يصيب الأطفال أكثر من المتحورات السابقة، وهو هدف سام بطبيعة الحال للصالح العام تغيب عنه أي مصالح فردية أو رؤى تزيح عين الاهتمام عن تجاوز الجائحة وارتفاع المنحنى الوبائي.
ووضعت وزارة التربية نهج عمل يركز على المحافظة على عدد أيام العام الدراسي (92) يوماً في الفصل الأول و(103) في الثاني، ليشمل 2.17 مليون طالب وطالبة، يستثنى منه طلبة التوجيهي (134) ألفاً وطلبة مدارس البرامج الدولية (12) ألفا، لخصوصية برامجها وقلَّة عدد طلبتها.