مدار الساعة - رجل حكيم بشوش الوجه، نحبه ونقدره، هكذا ردَّ البائع حين سألناه لماذا يضع صورة الشيخ الشعراوي بجوار لافتة المحل، وهذا ليس جواب البائع وحده، فهذا جواب ستسمعه كثيراً ما إن سألت في شوارع مصر عن الشعراوي.
خواطر.. اسم علق في أذهاننا، ومن ينسى برنامجه ذلك، الذي يُنبئك بحلول يوم الجمعة، حين تجتمع العائلة أمام شاشة التلفاز لتشاهد الإمام وتسمع نفحاته ودروسه، بصوته الرخيم، وجلسته البسيطة، وحضوره الخاص.
في قلب المحالّ التجارية، وعلى وسائل النقل العام والخاص، وعلى عربات الباعة الجائلين تجد صورة الشيخ محمد متولي الشعراوي.
مات الرجل منذ 24 عاماً، لكن سيرته حاضرة وباقية، لا يفهم البسطاء ما معنى أيقونة، لكنهم يفهمون أن هذا الوجه البشوش يجلب لهم البركة، فيستأنسون به كما أولياء الله الصالحين.
سطوة جسَّدتها مظاهر عدة، جعلت وجود الشيخ الشعراوي -رحمه الله- في الحياة المصرية كثيفاً إلى حد بعيد، رغم مرور أكثر من عقدين من الزمان على رحيله.
نشأته
نشأ الإمام في بيئة ريفية مشابهة لبيئة الملايين من المصريين، وُلد بقرية دقادوس، مركز ميت غمر، بمحافظة الدقهلية بمصر، عام 1911م، وكان لبيئته تلك التأثير الأكبر على قربه من أفهام العامة، وعلى أسلوبه البسيط الذي اشتُهر به في تفسيره للقرآن، فكان الشعراوي أول شيخ يشعر العامة بأنه منهم لا فوقهم، خصوصاً مع تخلّيه عن الجبة والقفطان، واستبدالهما بالفاروقية البيضاء والجلباب المصري، وتخليه كذلك عن فصحى المشايخ، واستبدالها بعامية الناس البسيطة، واستخدامه تشبيهاتهم وأمثالهم الدارجة، التي كوّنت ثقافته هو -وليدة بيئته الريفية- في الأصل.
التحق بكلية اللغة العربية سنة 1937م، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، وبعدها انضمّ لحركة مقاومة الإنجليز في العام 1919 التي خرجت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق بعيداً عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملاؤه إلى ساحات الأزهر وأروقته، يُلقي خطباً عليهم، حتى اعتقل في العام 1934، وكان رئيساً لاتحاد الطلبة حينها.
عمل وزيراً للأوقاف، وكان من أشهر مفسري معاني القرآن الكريم في العصر الحديث، عمل على تفسير القرآن الكريم بطرق مبسطة وعامية، وهو ما جعله يستطيع الوصول لشريحة أكبر من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي، حتى لقّبه البعض بإمام الدعاة.
تزوّج محمد متولي الشعراوي وهو في الثانوية، بناءً على رغبة والده، الذي اختار له زوجته، لينجب ثلاثة أولاد وبنتين، سامي وعبد الرحيم وأحمد وفاطمة وصالحة.
كان مؤسس الحساب كما يقول لعربي بوست مهتماً بأرشفة رمز بصري منتشر بشكل غريب ولا يجد له تفسيراً محدداً، وبمرور الوقت أصبح لهذا الرمز -الشيخ الشعراوي- قدسية غريبة لم يكن يفهم سببها.
وقال إن جميع الصور المُشاركة على الحساب أرسلها له أشخاص مختلفون في رسائل الصفحة، فكل الصور الموجودة هي من تصوير أشخاص مختلفين.
بعد أن اشتهر الحساب نسبياً قرّر أن يجعله توعوياً ضد بعض الفتاوى الشائكة للشيخ، مثل رأيه في زراعة الأعضاء والاغتصاب الزوجي.
يقول "رأيت أن النبرة الساخرة التي أكتب بها منشوراتي لازمة لكسر الهالة المقدسة حول الإمام، وإنزاله منزلة البشر، إلا أنني هوجمت من قبل وتعرضت للسبّ، بسبب إحدى الصور المنشورة.
سواء كنت من محبّي الإمام الذين يضعون صورته ويسمعون صوته في كل مكان، أو كنت من المتحفظين على القداسة الذي يكتسبها، تظل رمزية الإمام واستمرارية وجوده على الساحة المصرية ظاهرةً في المجتمع المصري.
أنشأ أول بنك إسلامي
تدرّج الشعراوي في مناصب عديدة، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1976م، اختار السيد ممدوح سالم، رئيس الوزراء آنذاك، أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر، فظلّ الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر/تشرين الأول عام 1978م.
اعتُبر أول من أصدر قراراً وزارياً بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر، وهو بنك فيصل الإسلامي، حيث إن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية (د. حامد السايح في هذه الفترة)، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك، وفي سنة 1987م اختير عضواً بمجمع اللغة العربية (مجمع الخالدين)، توفي في العام 1998، وكان خبر وفاته محزناً لقطاعات عريضة من الشعب المصري، حيث شيّعه مئات الآلاف إلى مثواه الأخير، وخلّد سيرته كثير من الكتاب، وتحوّلت قصته إلى عمل درامي قام ببطولته الفنان حسن يوسف، وأُطلق عليه "إمام الدعاة".