بقلم ايهاب مجاهد
كان رجلا يحمل الاثقال ويطوع الحديد في شبابه، الا أن اثقاله وحديده سرعان ما تحولت إلى هموم فرصاص فسلاح لقضية..
اثقال وحديد لم تثقل كاهله ولم توهن من عزيمته التي لم تلين إلا أن العظام لانت..فاستعان عليها بجذع شجرة تركه معلقا على نافذة بيته المطله على اشجاره التي كان لها نصيب من الحب الذي وسع زوجته وابناءه لابل وأصدقائه.
هو صديقي الثمانيني الذي لم يكن يكتمل عنده شيء..فكانت "إلا قليلا" ماركة مسجلة باسمه في حديثه عن عمره وعمله ووطنه الذي تنقل بين حدوده إلى فضاء الحرية التي اكمل حلمه بها ودفنها معه قبل أيام.
العم عمر الطحلة "ابوخليل" الذي يعيش في قبره، ودفن محبوه بدموعهم التي اختلطت بغبار آخر غزواته..ذهبت معه العديد من الألقاب التي لم تكن تعني له شيء أكثر من كونها وسيلة لتهريب السلاح والمقاتلين بين الحدود..باتجاه الأرض المسلوبه التي ارهقتها الالقاب وطوعتها الكراسي.
اما انفع الكراسي بالنسبة له هي التي كانت تريح مفاصله التي تآكلت مع مشيها إلى جانب مفاصل سياسية وتاريخية مرت بها مدينته الرملة فوطنه فلسطين وامته، والتي كلما تذكرها طرق بعصاه ليزيد من وجع الارض وانتباه من حوله لعل كثرة الطرق توصل الفكرة.
أبو"خليل" كان مجموعة من الأفكار التي لم تكتمل ومخزن الأسئلة التي كان يحتفظ بطلقاتها لنفسه، لكنه كان يبوح ببعض اجوبتها ليشعل عقل السائل بالكثير من الأسئلة التي يعجز معها عن إكمال أسئلته والاكتفاء بالإستماع وانتظار الطرق بالعصا ان شرد الذهن.
كيف يشرد الذهن والقصص مشوقة وكثيرة..وفي آخر العمر أصبحت مكررة..لا لخرف أو ضياع للذاكرة بل لعل مع التكرار تتجدد الأفكار..
رحم الله صاحب الفكرة والقصة التي لم تكتمل..وهنيئا للراوي الذي رفع اخيرا شاهده لمن نزع اخر ارواحه.