تصادف يوم غد الأحد ذكرى استشهاد رئيس الوزراء وصفي التل الذي قدم روحه على راحته دفاعا عن الأردن ووحدته وهويته الوطنية.
لقد تنبأ والد وصفي شاعر الاردن مصطفى وهبي التل (عرار) بصعوبة الطريق الذي يمشي به وصفي في حياته السياسية والعامة وذلك في بواكير عمله بالسياسة عندما قال: ودربُ الحرِ يا وصفي كدربك غير مأمونة وكان وصفي في سيرته العسكرية والسياسية والعامة التي يحفظها الاردنيون عن ظهر قلب يؤمن بان الطريق محفوفة بالمخاطر لكنه لم يبال وكان همه الأول والأخير الأردن في محيطه العربي باعتباره بوابة للقومية العربية التي فرط بها الكثيرون..
ولقد سمعنا خلال السنوات الماضية الكثير من الروايات التي تتحدث عن عملية الاغتيال ولكن في قلوب عائلته واخوانه ورفاقه في السلاح وفي قلوب الأردنيين فأن هناك روايات يتناقلونها أكثر أهمية، لأن وصفي كان قامة أردنية تخشى منها دول في المنطقة..
في مقابلة له أجراها الكاتب عمر العرموطي نُشرت في كتاب «وقفات» يقول الوزير الأسبق سعيد التل، شقيق الشهيد وصفي «إن وصفي استشهد برصاصة قنّاص، وقد قال لي سامي قموه، الذي كان يعمل بالسفارة الأردنية في القاهرة، وشاهد جسد وصفي في المستشفى العسكري بالمعادي أنه كان خاليا من اي آثار للإصابة بطلقات نارية باستثناء موقع القلب والصدر والذي تظهر فيه آثار لرصاصة قد اخترقته»..
لقد تنبأ وصفي باستشهاده كما استشهد هزاع وهو يقول في إحدى المقابلات بلهجته العامية (المعركة ضد التهريج والتزوير وضد الخطأ معركة... لا بد يصير إلها ضحايا... بالنسبة للأردن بالذات، من ضحاياها كان هزاع، وبجوز أنا أكون ضحية، وبجوز غيري يصير ضحية... هذي معركة... إذا كنا على حق واجبنا نقدم هالتضحية... المؤامرة التي قتلت هزاع ما أضعفتنا... وإللي بدها تقتلني ما بتضعفناش... والقائمة بتمشي، إذا مات منا سيدٌ قام سيدُ)...
الاردنيون على مختلف مشاربهم يحبون وصفي حتى الآن وما زال الشعراء يتغنون به وما زال رفاقه وابناؤهم وأحفادهم وكل ابناء الأردن يتذكرون مواقفه الوطنية.. ولأن وصفي كان مثل قمحنا وسهول حوران وجبال شيحان قريب من «سحنة» الأردنيين ومن نبض الشعب، قوي في الدفاع عن هويته الوطنية، ويحبونه لأن وصفي ابن الطبقة الأردنية التي لم تثر من الفساد كما فعل كثيرون جاءوا بعده.
وصفي التل واحد من قلائل تنبهوا إلى أهمية العمل الفدائي داخل فلسطين وليس من خارجها وهو صاحب رؤية الانتفاضة من الداخل وكان يؤمن بذلك في وقت علا فيه صوت الرصاص والبندقية خارج فلسطين على كل الأصوات الوطنية ومنها وصفي..
الأردنيون يحبون وصفي وهزاع لأنهم آمنوا بهذا الشعب ولم تكن لهم بوصلة خارجية تحركهم، وانما كانوا يتحدثون عن قناعة بهذا الشعب العظيم وقيادته ويؤمنون إيمانا قويا بالدولة الأردنية ومستقبلها، لذلك سيبقون خالدين في أفكار ووجدان شعبهم الأردني مهما طغت الخطوب ونتذكرهم اليوم لأننا نفتقد من هم على شاكلتهم..
الرأي