إذا ما أردنا تحقيق نمو اقتصادي كبير، قادر على جعلنا ننطلق في آفاق اقتصادنا ومستقبلنا إلى مزيد من الحيوية، لا بد من مشروع كبير قادر على تحريك عجلة التشغيل والنمو والاستدامة بدرجة دوران سريعة ومتسارعة، فما الذي يمنعنا من وضع التصورات لمشروع العاصمة الجديدة؟
ليست المرة الأولى التي اكتب فيها عن هذا المشروع الضخم، لقناعتي الراسخة أن لتنفيذه آفاقاً لن تتوقف عند جزئية واحدة أو منفعة لقطاع عن قطاع بقدر ما هو مشروع تكاملي في كافة تفاصيله وله انعكاسات ايجابية على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والبيئة وغيرها من الفوائد التي سنحققها مع بدء تنفيذ هذا المشروع لفترات طويلة وعلى عدة مراحل لقدرته على رفع معدلات النمو الاقتصادي لنسب غير مسبوقة، تساهم بتحريك مختلف القطاعات وتنشيطها، والأهم من هذا وذاك تشغيل الأيدي العاملة وتوفير فرص العمل وتوفير الخدمات بأفضل الوسائل والطرق..
معيقات كثيرة وقفت أمام إتمام الفكرة، غير أنها لم تمت وما زالت تنتظر المبادرة لوضع حجر الأساس ومن هنا الانطلاقة، فالتمويل سيتوافر إذا ما قررت الحكومة الشراكة مع القطاع الخاص والمستثمرين سيهلون من كل حدب وصوب ما إن تبدأ الفكرة بالتأطر على أرض الواقع، فالانتظار أكثر من ذلك سيؤثر على حيوية الفكرة والاستفادة منها في تحقيق الأهداف المرجوة من إقامة المشاريع الكبرى التي نسعى من خلالها لتنشيط الاقتصاد وتشغيل آلاف الأيدي العاملة وتقديم أفضل الخدمات المرجوة والتي لا تتحقق إلا بالتوسع.
لا يقتصر الأمر على عمان، فالمدن الأخرى أصبحت غير قادرة على تقديم المزيد لاكتظاظها بالسكان مثل اربد والزرقاء والتي أصبحت مراكزها مزدحمة بصورة خانقة، وهذا يستدعي منا الوقوف سريعاً عند وضع خطط توسعية بمشاريع شمولية شاملة، قادرة على خلق فرص تنمية مستدامة وذات استمرارية مستقبلية.
مشروع عمان الجديدة كغيره من المشاريع الكبرى التي يعلن عنها في كل فترة أو مرحلة من قبل الحكومات المتعاقبة، سرعان ما يحكم عليها بالحبس المؤبد داخل أدراج ورفوف الوزارات والحكومات السابقة رغم أهميتها وحاجتنا الملحة لها اقتصادياً وخدماتياً، ما يؤكد أننا بحاجة إلى استراتيجية وطنية لرعاية وتنفيذ تلك المشاريع بعيدا عن الأهواء والأمزجة وطرق التفكير المختلفة، فلم نعد قادرين على تحمل المزيد منها.
نعم أمام أعوام صعبة مقبلة بمختلف المجالات وأبرزها البطالة والتباطؤ الاقتصادي وغيرها من التحديات، التي تجعل من التفكير في إقامة المشاريع الكبرى والتوجه إليها ضرورة ملحة إذا ما أردنا الوصول إلى أعوام أخرى سمان، وفق خطة وطنية شاملة تنفذها الحكومات ويشرف عليها الجميع.
الرأي