في حياتي ذهبت للبزنس بارك ( ٣) مرات.. قصدت فيها قناة المملكة من أجل اجراء مقابلات وكانت زياراتي ليلية وقصيرة، لكني اليوم ومنذ الصباح الباكر، ذهبت إلى هناك من أجل المباركة لصديق افتتح شركة له..
أمضيت ساعات أتجول في المكان.. جميل جداً، هادئ، راق وعصري... وأنا أسير في الشوارع وأرى الشباب الذين غمرهم حماس العمل، والصبايا اللواتي يشبهن وردات نيسان... كنت أسأل نفسي لماذا لا نمنح أنفسنا فرصة اكتشاف هذه الأشياء في بلدنا.. يا الهي كم أنا متكلس.
(البزنس بارك) هو المكان الوحيد الذي لن تحدث فيه هوشة يتخللها قذف حجارة، هو المكان الوحيد الذي لن تجد فيه كوخاً مكتوباً عليه: -( ابو العبد قهوة صب - يوجد لدينا برابيش أرجيلة).. وهو المكان الوحيد أيضا الذي لن تجد فيه أيضا قارمة كتب عليها : أبو محروس للدجاج الطازج - نتافاتنا هي الأكثر جودة...).
حتى أنني لم ألمح أي حاوية، الشوارع نظيفة جدا.. وأنا ملاحظاتي (بتخزي) يبدو أن ما يرسخ في ذهني عن الشوارع هو الحاويات...
تجولت مطولا، ودخلت مقهى .. سمعت أصوات صبايا يتحدثن مع بعضهن، وهناك الخدمة جيدة... لدرجة أنني ولأدبهم الجم نسيت نفسي وطلبت، شاي بنعنع... لكنهم اعتذروا بأدب .. وللعلم أنا أحفظ من منتجات (ستار بوكس) اللاتيه.. فطلبت لاتيه.. سألني بدك فلافور - ويقصد النكهة- ولا بدون فلافور .. أجبته : فيه ع نعنع ...ثم مضيت..
قلت المكان جميل، لم أشاهد شرطيا واحدا... والشباب هناك تشعر أن قوانين المكان أكسبتهم صمتا واحتراما... لدرجة أن صبية كانت تأخذ من سندويشتها وتطعم قطة، والغريب أنهم لا يقومون برمي السجائر على الأرض ... ثمة أماكن لإطفائها ...
أنا اكتشفت المكان صباح اليوم فقط ، تجولت فيه لساعات.. وكنت أقف على مفترق كل شارع وأطبل على كرشي قليلا ثم أكمل ...
حاولت أن اكتشف المكان أكثر .. وسألت موظف أمن هناك: في هون شقق للبيع...؟ فرد علي: انت من وين جاي؟... لكنه كان ودودا وشرح لي عن مجتمع الشركات والأعمال وأعطاني سيجارة، وأشعلها... ثم قال لي: أطلبلك كريم ولا معك سيارة..
المكان أحيانا يؤثر في المزاج..
بمعنى انني حين أكتب ( بوست) من سوق الملفوف في البلد حتما سيكون مختلفا.. عن بوست أكتبه من البزنس بارك..
وحين أهاجم وزيرا بعد هزيمتي في لعبة هند بمقهى شعبي، وقد تخلل اللعبة شتائم من شاكلة (... الجوكر ولا مرة اجاني).. حتما شكل الهجوم سيختلف حين أجلس بجانب مقهى في البزنس بارك ... وبجانبي صبية، تتحدث عن تطوير نموذج المباني الخضراء الصديقة للبيئة..
لقد عرفت كيف أعالج كل هذا الجنون الذي نثرته عبر مقالاتي..
أريد مكتبا في (البزنس بارك).. وأعد الحكومات الأردنية أني في السنة القادمة سأكتب بالإنجليزي، وسأكون مع لجنة الإصلاح.. ولن أهاجم (عمرو ذياب)... سأكون مؤدبا وأترك كل هذا الجنون..
فعلا لقد تكلسنا إلى الحد الذي غفلنا فيه عن اكتشاف الأشياء الجميلة في بلدنا والتي كنا بحاجة لاكتشافها..