تشهد أسعار السلع الغذائية ارتفاعا على مستوى العالم وانخفاض الكميات المعروضة منها نتيجة العديد من المتغيرات، أبرزها: التغير المناخي وارتفاع الطلب عليها من مختلف دول العالم نتيجة اتباع سياسة التخزين والتحوط مما يجعل من فكرة إنشاء مجلس أعلى للأمن الغذائي ضرورة ملحة لا تحتمل الانتظار.
أسعار المواد الغذائية ومدخلات انتاجها بدأت تشهد ارتفاعات غير مسبوقة عالميا، وأبرزها القمح والرز والسكر والزيوت النباتية وغيرها من السلع، ما يجعل انعكاسها على السوق المحلي أمرا حتميا لا يحتمل النقاش، وخاصة في ضوء توجه الأغلب من دول العالم إلى اتباع سياسة التحوط والتخزين لكميات كبيرة منها جراء جائحة كورونا، ما دفع إلى ارتفاع الطلب عليها مقابل انخفاض الكميات المنتجة لها في دول المنشأ لعوامل مختلفة أبرزها التغيرات المناخية، بالإضافة إلى توقف الإنتاج فترة من الزمن أثناء مواجهة الموجة الأولى من فيروس كورونا العام الماضي، ما دفع إلى زيادة الطلب بطريقة هستيرية، تسببت في انعكاسات حادة على أسعارها بحسب البورصات العالمية.
الأردن من أكثر الدول اعتمادا على الاستيراد للعديد من السلع الغذائية الأساسية وخاصة القمح والرز والسكر والزيوت، حيث انه يستورد ما يقارب 85% من احتياجاته للسوق المحلي من الخارج وعبر القطاع الخاص باستثناء مادة القمح التي تشرف على استيراده الحكومة نفسها من خلال وزارة الصناعة والتجارة..
ومن هذا المنطلق على كافة الجهات الحكومية وبالشراكة مع القطاع الخاص الإسراع في قرع جرس الإنذار والاستعداد لهذه الموجة من الارتفاعات والتي تشير كافة التوقعات إلى استمرار ارتفاعها بشكل كبير لاستمرار ارتفاع الطلب عليها من مختلف دول العالم، وما لها من آثار سلبية على أسعار المستهلك ومعدلات التضخم التي يتوقع لها أن تشهد ارتفاعات خلال الأعوام المقبلة.
أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية في مختلف أسواق دول العالم بدأت تشهد ارتفاعا، ما جعل تلك الدول تلجأ على الفور في طلب كميات تعاقدية من تلك الاصناف ولشهور مسبقة لتجنب أي ارتفاع محتمل ومتوقع على الأسعار الحالية.
ما زالت الأسعار في الأردن ضمن معدلاتها الطبيعية باستثناء بعض الأصناف والتي شهدت ارتفاعا بسيطاً على أسعارها، وذلك لعدة أسباب أبرزها: تحوط التجار وتوفيرهم لكميات كبيرة منها في المملكة مقارنة مع حجم الطلب عليها والذي تراجع منذ عدة شهور لضعف القدرة الشرائية من ناحية وتغير أنماط الاستهلاك لدى المستهلك الأردني والتنافسية الكبيرة في الأسواق، ما يدفعنا للتساؤل إلى متى ستستمر الأسعار ضمن معدلاتها الطبيعية؟ وهل المستهلك والتاجر والحكومة جاهزون لتلك الانعكاسات على الأسعار محليا؟
أسعار المواد الغذائية سترتفع شئنا أم أبينا وبنسب ليست بسيطة، نتيجة الظروف والأسعار العالمية، غير أننا أمام فرصة حقيقية تتمثل في تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتحديدا التجاري وتحفيزه على الاستيراد وبكميات من هذه المواد تكفي لفترات تزيد على 6 اشهر من الأصناف الرئيسية تجنبا لأي ارتفاعات جديدة وكذلك تحفيز المزارعين على زراعة مختلف الأصناف وانتاجها وهذا كله لن يكون دون مجلس أمن غذائي يجمعهم للتشاور واتخاذ القرارات.
الرأي